"البيدوفيليا" الحلال!

يعتقد الكثير من الإسلاميين أن الاقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام والعمل بسنته يتلخص في تقليده شكلاً من إطلاق اللحية وارتداء الجلباب واستخدام السواك، وتقليده فعلاً في تعدد الزوجات وملك اليمين والزواج من الطفلة.
ويعتبر اشتهاء الأطفال جنسياً مرضاً في الطب النفسي يسمى "البيدوفيليا"، وينتج عنه اغتصاب كبار السن لفتيات قاصرات في سن الطفولة تحت مسمى الزواج.
والمطالبين بالزواج من الطفلة يستندون لروايات تنسب للنبي عليه الصلاة والسلام زواجه بالسيدة عائشة وهي طفلة في التاسعة من عمرها، وهى روايات لا يمكن الاعتماد على الأعمار أو التواريخ التي جاءت بها، فالعرب لم يكن عندهم وقتها تقويم محدد بالسنين، وإنما كانوا يقومون بتسمية العام باسم أكبر الأحداث فيه مثل "عام الفيل" و"عام الفتح".
ومثل تلك الروايات غير الموثقة تسيء لسيرته عليه الصلاة والسلام، ومنها الروايات الخاصة بسن اثنتين من أمهات المؤمنين هما السيدتين خديجة وعائشة، فالروايات تقول إنه عليه الصلاة والسلام حينما كان في الـ 25 من عمره تزوج بالسيدة خديجة وهى أكبر منه بـ 15 سنة، وحينما أصبح في الـ 53 تزوج بالسيدة عائشة وهى أصغر منه بــ 44 سنة.
فالروايات اختلفت في سن أم المؤمنين السيدة خديجة عند زواجها بالنبي عليه الصلاة والسلام، وأن عمرها كان بين 25 و46 سنة، ومع أنه توجد روايات للبيهقي والنيسابوري تدل على أنها كانت في أواخر العشرينات، إلا أن المفسرين أخذوا بروايات أوائل الأربعينات.
أما عن رواية الزواج من السيدة عائشة فتقول: "إن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت ست سنين وأدخلت عليه وهي بنت تسع ومكثت عنده تسعا"، وفي الروايات أن أم المؤمنين السيدة عائشة كانت مخطوبة لمطعم بن عدي قبل أن يخطبها النبي عليه الصلاة والسلام، وأنها ولدت قبل بدء الرسالة في مكة بعام واحد، وتزوجت بعد عامين من الهجرة، أي كان عمرها 16 سنة حين تزوجها عليه الصلاة والسلام.
وفي روايات أخرى أن السيدة أسماء أخت السيدة عائشة كان عمرها عند الهجرة 27 سنة وكانت السيدة عائشة أصغر منها بـ 10 سنوات، أي أن عمر السيدة عائشة عند الهجرة كان 17 سنة، وتزوجها عليه الصلاة والسلام وعمرها 19 سنة.
فالروايات مختلفة ولا يمكن الاعتماد عليها، في الوقت الذي يوجهنا فيه تعالى في القرآن الكريم إلى شرط بلوغ سن معينة للزواج ترتبط بسن الرشد: (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا..) النساء6 ، ولا يمكن أن تبلغ الفتاة سن الرشد والزواج في عمر الـ6 أو الـ 9 سنوات.
وفي قوله تعالى عن المطلقات: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ..) الطلاق 4، وفسر البعض عبارة (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) على أنها تعني الفتيات غير البالغات وغير الحائضات، مع أنه تعالى جعل عدة المطلقة التي لا تستطيع أن تحمل 3 أشهر لهدف معين.
فالهدف من العدة للمطلقة التأكد التام من عدم وجود حمل، ونفهم أن المقصود هو وجود مرض يمنع الحيض للمرأة البالغة، وليس المقصود الحديث عن طفلة لم تبلغ ولم تحيض بعد كما فهم البعض، فالآيات التي تتحدث عن الزواج والطلاق تذكر النساء ولا تذكر الفتيات أو الأطفال.
وعن العقود قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ..) المائدة1 ، وعقد الزواج من العقود ومن شروطه الإيجاب والقبول، أي أن الزوجان يمتلكان الوعي والإدراك ببلوغهما سن الرشد للموافقة على الزواج والإقرار بمضمون العقد، فالعقد يلزم المتعاقدين بتنفيذ ما التزما به، ولذلك يجب أخذ موافقة المرأة في عقد الزواج.
كما أن الله تعالى يخاطب كل أزواج النبي عليه الصلاة والسلام بـ (يَا نِسَاء النَّبِيِّ)، مما يعني أن الخطاب لنساء راشدات تجاوزن سن الطفولة، ولذلك فلا مجال للمطالبة بالزواج من الفتاة التي لم تبلغ سن الرشد.