من صفة الله عزوجل أنه الغفور الرحيم لذلك يغفر ذنوب العباد حتى لو كانت مثل زبد البحر بشرط التوبة والرجوع عن الذنب مصداقا لقوله تعالى "وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا" سورة النساء : آية 110: مدنية.
ويخبرنا الله تعالى فى هذه الآية الكريمة عن عظيم كرمه وجوده تعالى مع عباده فإذا أذنب العبد ذنباً ثم تاب إلى الله تعالى مع صدقه وإخلاصه فى التوبة يتقبل الله توبته وإن كانت ذنوبه أعظم من السماوات والأرض والجبال .
وشرع الله تعالى التوبة للمذنب حماية للمجتمع من شره فلو خرج كل من ارتكب ذنباً من رحمة الله تعالى فسوف يعاني المجتمع من شرور مثل هذا الإنسان ويصبح كل عمله نقمة لنشر الفساد والشر على المجتمع إذن فالتوبة من الله تعالى وأنه سبحانه يضع المعايير لهذه التوبة فمن يرتكب ذنباً أو يظلم نفسه بخطيئة ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً.
وتوضح الآية دقة القرآن فى توضيح المعنى أن من عمل سوءً أضر بهذا العمل آخرين ،أنه غير الذي ارتكب شيئاً يضر به نفسه فقط فالذي سرق أو قتل أو اعتدى على آخر قذفاً أو ضرباً أو إهانة فهذه الأعمال هي ارتكاب للسوء ،فالسوء هو عمل يكرهه الناس ،لكن الذي يشرب الخمر قد يكون في عزله عن الناس لم يرتكب إساءة إلى أحد لكنه ظلم نفسه لأن الإنسان المسلم مطلوب منه الولاية على نفسه .
ويحمي المنهج الإيمانى المسلم حتى من نفسه ويحمي النفس من صاحبها بدليل أننا نأخذ من يقتل غيره بالعقوبة وكذلك يحرم الله من الجنة من قتل نفسه انتحاراً ،بينما تجد إنساناً يرتكب المعصية ليحقق لغيره متعة مثل شاهد الزور الذي يعطي حق إنسان لإنسان آخر ولم يأخذ شيئاً لنفسه بل باع دينه بدنيا غيره.
ونستفيد من هذه الآية الكريمة أن من شروط قبول التوبة من العاصى استغفار الله تعالى مع الإقرار بالذنب والندم عليه والإقلاع عنه والعزم على عدم العودة إلى هذا الذنب مرة آخرى .