الحكمة من تحريم التعامل بالربا

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" سورة آل عمران:آية130:مدنية.

ينهانا الله تعالى فى هذه الآية الكريمة عن التعامل بالربا فى حياتنا وأن ترك الربا موجب لتقوى الله تعالى وأن الفلاح فى الدنيا والآخرة متوقف على تقوى الله.

معنى الآية: النداء فى هذه الآية يدل على أن الإيمان هو السبب الموجب لامتثال الأمر واجتناب النهى ،فنهاهم الله تعالى عن أكل الربا أضعافا مضاعفة وهذا ما اعتاده أهل الجاهلية وغيرهم أنه إذا حل الدين على المعسر ولم يستطيع السداد يُزيد له فى المدة على أن يأخذ مقابلها زيادة فى المال.

وقوله "لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً " وهذا القول فيه تنبيه على شدة شناعته بكثرته ،والربا هو زيادة في المال فهو يؤكل لأن كل المسائل المالية من أجل اللقمة التي تأكلها ،والأضعاف هي الشيء الزائد بحيث إذا قارنته بالأصل صار الأصل ضعيفاً.

فمثلاً عندما يكون أصل المال مائة وسيؤخذ عليها عشرون بالمائة كفائدة فيصبح المجموع مائة وعشرين فالمائة والعشرون تجعل المائة ضعيفة وهذا هو معنى أضعاف ،أما معنى " مُّضَاعَفَةً" إننا سنجد أن المائة والعشرين ستصبح رأس مال جديداً وعندما تمر سنة ستأخذ فائدة على المائة وعلى العشرين أيضا فالأضعاف ضوعفت أيضاً وهذا ما يسمى بالربح المركب.

وعندما يقول الله تعالى "وَاتَّقُواْ اللَّهَ " يعني اجعلوا بينكم وبين الله وقاية بترك ما يوجب سخط الله تعالى علينا وفعل ما يوجب رحمة الله تعالى بنا ،فيتعين على المؤمن تركه حتى يصل إلى درجة التُقى.
وبعد ذلك يختم الله تعالى الآية بقوله" لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " أى (الفلاح) فهذه كلمة تأتي لترغيب المؤمن في منهج الله تعالى وقد جاء الحق بها من الشيء المحس الذي نراه في كل وقت لأنه متعلق ببقاء حياتنا وهو الزرع والفلاحة ،أى فإنك لن تأخذ الفلاح فقط ولكنك تتقي النار أيضاً.

ما يستفاد من هذه الآية الكريمة أن الحكمة التى من أجلها حرم الله تعالى التعامل بالربا بين الناس هو أنه فيه ظلماً للآخرين واستغلالً لظروفهم.