تاريخ قطر الأسود تجاه الخليج.. بدأت أزماتها مع السعودية عام 1913.. و"العدل الدولية" أنهت نزاعاتها مع البحرين عام 1992
- "الجزيرة" هي الأداة الرئيسية لسياسة قطر تجاه كل الدول
- الأزمات بين قطر والبحرين بدأت عام 1860 بنزاعات صغيرة
- بحلول 2014 تدهورت العلاقات بين الإمارات وقطر
لم يكن سحب سفراء الإمارات والسعودية والبحرين من قطر هو أول الأزمات بين دول الخليج وقطر.. ولكنه الأكبر والأقوى على مستوى العلاقات الخليجية.
فكانت قطر في وقت ما مهددة باللاسيادة حين طالبت السعودية بضمها باعتبارها جزءا من إقليم الإحساء عام 1913، لكن ألحت بريطانيا للاعتراف بحدود قطر بعدها بعامين، واستمر الدعم البريطاني اللامحدود بعد ظهور النفط في قطر لتحوز الأحقية في التنقيب عنه بمساعدة الشركات الأجنبية، ومن ثم توقيع اتفاق يقضي بترسيم الحدود بين السعودية وقطر في 1965.
وبقي الشرخ عميقاً بين قطر والسعودية، وتفاقمت الأمور منذ حادث الخفوس عام 1992، حين زعمت الحكومة القطرية بأن قبيلة آل مرة ساندت القوات السعودية، وقامت بمواجهة القوة القطرية.
وحاولت السلطات السعودية احتواء الأزمة في وقت لاحق، عن طريق استرضاء بعض رجال قبيلة آل مرة واستمالة بعضهم الموجودين في قطر.
وبحسب الرواية القطرية فإن السعودية عمدت إلى استغلال بعض أفراد القبيلة في عملية الانقلاب عام 1995 ضد الحكومة القطرية الحالية، بالتعاون مع الأمير الأسبق خليفة آل ثان، وتبقى مشكلة قبيلة آل مرة جزءا من الخلاف القطري - السعودي ضمن ملفات أخرى لم تحسم بعد.
وفي العام التالي فى ديسمبر 1996 اختارت القمة الخليجية التي عقدت في مسقط الشيخ جميل الحجيلان أمينا عاما لمجلس التعاون الخليجي، مقابل مرشح قطر في ذلك الحين عبدالرحمن العطية الأمين العام السابق، فاحتج أمير قطر حمد بن خليفة على ذلك، وقاطع الجلسة الختامية لقمة مسقط الخليجية في ذلك الوقت.
ومما زاد في الأزمة المحاولة الانقلابية الفاشلة على الأمير حمد التي رتبها والده الأمير الأسبق الشيخ خليفة سعياً للعودة إلى الحكم بعد انقلاب ابنه عليه العام 1995.
فرغم أن الأمير الوالد الحاكم السابق، رتب المحاولة وهو موجود في أبوظبي واستعان بقطريين من أتباعه كانوا موجودين في أبوظبي وآخرين داخل قطر، إلا أن الدوحة اعتبرت أن لبعض الأطراف السعودية يد في هذه المحاولة.
ومن هنا بدأت الأزمة الحقيقية التي شهدت الكثير من الإشكاليات، واستخدمت قطر وسائل الإعلام المناوئة للسعودية وقامت بدعمها مالياً.
وبالطبع كان لجوهرة قطر قناة "الجزيرة"، دور محوري في ألاعيب معقدة، ففي 2002 تطرق برنامج تليفزيوني بثته تلك القناة لمؤسس المملكة الراحل الملك عبدالعزيز آل سعود، وأدى هذا البرنامج لسحب السعودية سفيرها صالح الطعيمي من الدوحة دون إعلان.
وأرسل أمير قطر بعد تلك الأزمة بفترة رئيس الوزراء ووزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر آل ثان، إلى السعودية عارضًا فتح صفحة جديدة في العلاقات مع المملكة، بشرط أن تكف وسائل الإعلام القطرية عن التطرق لشؤونها.
وتابع أمير قطر عمله لإعادة العلاقات الطبيعية مع السعودية والتقرب إليها حين قام بزيارته للسعودية، وقيل حينها: إن السبب وراء ذلك هو رغبة قطر في عدم مقاطعة العاهل السعودي الملك عبد الله للقمة الخليجية التي استضافتها الدوحة.
ولسيل الأزمات بين قطر ودول الخليج حكايات كثيرة، فبالعودة إلى البحرين بدأ تدهور العلاقات بينهما منذ عام 1860 بنزاعات صغيرة، وبعدها بسبع سنوات ألقى الجيش البحريني القبض على مجموعة من بدو قطر في بر البحرين وأبعدهم إلى جزيرة البحرين.
وقامت بعض القبائل القطرية بالهجوم على الجيش البحريني الذي كان متمركزًا في شبه الجزيرة القطرية ونجحوا في طردهم.
وفي أكتوبر من العام نفسه، أرسل حاكم البحرين 2000 جندي وأدى هذا الهجوم إلى تدمير أجزاء واسعة من الدوحة والوكرة مركز آل ثان، وردت قوات آل ثان على الهجوم الأول عام 1868؛ ما أسفر عن تدمير 600 سفينة بحرينية وقتل 1000 شخص.
واستمرت الحروب بين الطرفين طوال القرن العشرين، إلى أن أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي في عام 1992 حكماً ملزماً وغير قابل للاستئناف، بشأن النزاع الحدودي بين قطر والبحرين الذي استمر قرابة 50 عاماً.
فقد أعلنت المحكمة، عن أن دولة قطر لها السيادة على الزبارة وجزيرة جنان وحد جنان وفشت الدبل، كما حكمت للبحرين بالسيادة على جزر حوار وجزيرة قطعة جرادة، وحكمت بأن يكون لسفن قطر التجارية حق المرور السلمي في المياه الإقليمية للبحرين الواقعة بين جزر حوار والبر البحريني، واستمر تداول المحكمة للقضية 9 سنوات فيما يعد أطول نزاع إقليمي ورد إليها.
وبحلول 2014 تدهورت العلاقات بين الإمارات وقطر، فتلك الأخيرة لم توفر جهدا في دعم جماعة الإخوان المسلمين، وبين شد وجذب وصلت الأمور للأسوأ؛ بعدما تسببت تصريحات الداعية يوسف القرضاوي في خطبته الأسبوعية التي بثت على التليفزيون القطري الرسمي.
قال فيها: إن الإمارات تقف ضد أي حكم إسلامي، وتسجن المتعاطفين معه بأزمة غير مسبوقة بين دولتيّ الإمارات وقطر، واستدعت الإمارات على إثرها سفيرها من قطر في الثاني من فبراير الماضي.
والآن.. وفي 5 مارس 2014، قررت الدول الثلاث، السعودية والإمارات والبحرين، سحب سفرائها من قطر، لتصل الأزمة إلى زروتها.