الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

البريق والسراب


قد تشعر أحيانًا كثيرة بأنك سجين داخل جسد من طمي مقيد بلا أغلال ، ترفض واقعك وتيأس من مستقبل غامض قد يحمل آلامًا تشبه آلام الماضي، فتتعلق بالبريق أينما وجدته وتنبهر دون أن تدرك حقيقة هذا البريق، هل هو أمل جديد لحياة أفضل؟ أم هو كالسراب الذي يحسبه الظمآن ماءً، وسرعان ما يذهب البريق وتتضح الرؤية فترى الحقيقة كما هي وتصطدم بالواقع .


قد تأخذك الدنيا ببريقها لتخوض تجارب جديدة لم تكن في الحسبان أو ربما تكون قد تمنيتها من قبل وانتظرت طويلا حتي تصل إليها ويأخذك الخيال بعيدًا عن الواقع وأنت تحلم بالحياة الجديدة، دون أن تتوقع ما قد يحدث لك نتيجة الانجراف في هذا الانبهار، فتفقد حياتك الأصلية أو تسقط في بئر من المشاكل والخسارة.


الحياة فتنة كبيرة تتلاعب بيقين الإنسان تارة تسقطه وتكسره، وتارة أخري ترفعه إلي عنان السماء، ثم تخدعه فيسقط سقوطًا حرًا دون أدوات للنجاة، فيخسر ماضيه ومستقبله ويخسر من حوله، إلا من تمسك بالطريق المستقيم ، من أقسي التجارب التي قد تمر علي المرء الدخول في مجال عمل جديد، أو حياة عاطفية جديدة ، بعدما اعتاد لسنوات طويلة علي قالب معين من العمل، أو شكل ثابت من الحياة مع رفيق العمر اذا كان متزوجًا.


والأشد قسوة من عاش عمره تحت قيود  القواعد والشروط المختلفة ، تحت مظلة ملتزمة ومنظمة، يعمل ويكافح ولا يلتفت أثناء ذلك إلى ملذات الحياة، ثم تأتيه الفرصة فتنة له ليحيا حياة جديدة، فيعمل في مجال مختلف تمامًا عما كان يفعله، به قدر كبير من الحرية والتحرر، فيُصدم ويتذكر ماضيه، ويبدأ عقله في نسج الذكريات الصعبة والعمل الشاق المضني فيُشفق على نفسه ويقرر الانطلاق ليعوض كل ما مر به من انغلاق وضغوط، ويتلاعب بعقله الشيطان ويصور له قدر ما مر به من حرمان ويبيح له المحظورات، فيتناسي مع الوقت حياته ودنياه، ويحيا لنفسه فقط منتقمًا من الجميع.


كذلك الحال عندما يطرق القلب حب جديد ، يأخذ صاحبه بعيدًا عن الواقع، وينسى حياته وينقم على شريك الحياة سواء كان رجلا أم امرأة، ثم يصطدم بالقيود وباستحالة أن يتحول الحلم الجميل إلي واقع حقيقي فيفيق فجأة ويكتشف أن هذا الحب سيظل حلما غير قابل للتحقيق .


من الطبيعي أن يعيش المرء تحت ضغط وابتلاءات، لذلك خُلِقْنا وسنظل ما دامت الدنيا نحيا حياة صعبة، لكل منا قصص وحكايات تتلون بألوان متعددة أحيانًا تكسوها الفرحة وأحيانًا أخرى تتوشح بالحزن والسواد، يجب أن ندرك جميعًا أن الحياة فتن متتالية لن تهدأ ولن تنتهي فلا تغرنك الحياة بما فيها من بريق ولهو فتسقط إلي الهاوية وتنكسر أو تكسر من حولك ممن أحبوك وتحملوك في الشدة قبل الرغد والفرح.


إذا أردت أن تنجح في الفتن، فعليك بالالتزام بالقواعد الآمنة وابتعد عن لهيب البريق، فقد يخدعك ويدمر ماضيك ومستقبلك ويتركك وحيدًا ذليلًا، العمر مهما طال فهو قصير، ومهما بلغت فإنك لن تبلغ السماء طولًا ، ثم  تنتهي الحياة دون أن تدرك ، وتُفاجأ بأنك في سبيل إسعاد نفسك قد دهست الأقربين دون أن تشعر، أو أن تبالي. 


في الطريق إلى الانبهار حافظ دائمًا على رفقاء الطريق، الباقين دون غرض أو مصلحة، فالمال إلي زوال والسلطة ليست دائمة ورفقاء السوء قد يهدمون حياتك دون أن تشعر ، الطريق المستقيم دائمًا هو السبيل الوحيد للنجاة .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط