الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رحيل المشاغب الطيب هادى الجيار


بعد الفنانة رجاء الجداوي والفنان فايق عزب، قضى فيروس كورونا اليوم على أطيب المشاغبين الفنان الهادئ هادى الجيار، بعد معاناة قلبية سبقت إصابته، لنفقد واحدا من الممثلين الحقيقيين الذين أدركوا قيمة العمل والفن فى خدمة المجتمع.

فى "مدرسة المشاغبين" كانت بداية الظهور لظروف العمل نفسه وكثافة نجومية أبطاله، كان أكثرهم محاولة لتقمص دور التلميذ الشقى فى حدود النص وبإبداع الممثل، وظل طيلة حياته الفنية مترفعا عن دور البطولة الذي تمنحه الأعمال المكتوبة وشركات الإنتاج فى عصره لنجوم لهم مواصفات سعرية وسينمائية خاصة، بهذا التقييم لا أعتبر هادى الجيار من ممثلي الصف الثاني وهو الحاضر الحقيقي المؤثر فى نحو 200 عمل فني متنوع.

كانت مشاركاته الدرامية الأقوى فى "المال والبنون" و"العصيان" و"الوجه الآخر" و"الضوء الشارد" و"الأسطورة" و"ولد الغلابة" وقبلها "القاهرة والناس" و"الكنز"، حيث عمل مع رموز الإخراج كمحمد فاضل ونور الدمرداش، وأقنع الجميع بأدائه وحضوره داخل كل شخصية جسدها.

فى السينما؛ كانت أعماله مختارة بدقة فى "لمن تشرق الشمس" و"عندما تشرق الأحزان" و"انتهى التحقيق" و"ليالي الصبر" و"درب الجدعان"، وغيرها، وهو من درس الفنون المسرحية وتعلم كيف يواجه جمهورا قبل أن يحسب حسابا لكاميرات تراقبه فى أعمال سينمائية وتليفزيونية.

عاش هادى الجيار إنسانا بسيطا عاديا بين الناس والجمهور، لا يلتفت إلى كلامه فى الفن أو ينتظر حواراته فى الثقافة والشأن العام إلا الواعون، وظل صوتا متعقلا معبرا عن فنان حقيقي، مثقف متعمق، بسيط غير مكابر على متلق، يسمو بثقافة المشاهد ووعيه مهما كان مستواه.

أذكر أن قابلت الفنان الراحل خلال مرتين إحداهما بنقابة الصحفيين، كنت أعلق على بساطته وابتسامته الدائمة وتعبيراته التلقائية عميقة المعنى على ما يدور حوله وما نعيشه، بأنه فنان من الناس وللناس، وأن تاريخا حقيقيا يسطره بإنتقائه أعماله فى أسوأ الظروف فلا يقبل بما لا يليق لمجرد التواجد ولقمة العيش.

أمثال هادى الجيار من الممثلين الحقيقيين، كغيرهم فى مهن مختلفة، يموتون على غير ثراء مادي، يعالجون فى ظروف عادية دون ضجيج عند مرضهم، لا يتظاهرون بما يبتعد بهم عن الناس فى حياتهم، فيظلوا فى ذاكرتهم بعد رحيلهم.

اطلبوا الرحمة والمغفرة والجنة لمن أسعدونا بحضورهم بيننا وسمو أعمالهم، اطلبوها للفنان القدير الرائع الراحل هادى الجيار، ولا تنسوا نصيب الوباء المختطف للأحبة من لعناتكم ودعواتكم أن يزول.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط