الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مبادرات فردية لإحياء المحبة


بالأمس؛ جلست أمام الفنانة الشابة يمنى حاتم طه؛ أستمع إلى مبادرتها وزميلاتها لدعم سكان مجتمع بدوي بسانت كاترين، وصناعتهم العالمية لمشغولات يدوية، وهو مجال قريب الصلة باهتمامات وتخصص "يمنى".


كان الحوار ثريا وانتهى الأمر حول مبادرتها "فرحانة" إلى ترك الخيارات أمامها متعددة، بين تأسيس كيان أهلي أو اقتصادي أو الاستمرار فى دعم هؤلاء بالطرق التقليدية فى حدود طاقة كل فرد على العطاء، والاختيار الأخير ذهب إليه كثيرون مؤخرا لما شهدناه من خلط مؤسسات بين العمل المدني والسياسي وما لاحظناه من تداعيات خطيرة لذلك على العملية الانتخابية كمثال.


غير أن جانبا مهما فى الحوار معها كان يشغلنى، وهو الإدارة الاقتصادية للأفكار والمبادرات والموارد البشرية والمادية المتاحة، وتأهيل البشر مع كل فكرة جديدة لكي يكونوا جزءا من مشروع أكبر يستمر بغض النظر عن الإمكانات المتاحة له فى بدايته، وهى طريقة أنجزت الكثير من الأهداف النبيلة لأفكار متجددة بمرور الأجيال.


بين الأصدقاء محامون لم يفكروا فى تأسيس جمعيات لتقديم الدعم القانوني لبسطاء لا يقدرون على سداد أتعاب مدافعين عنهم فى قضايا عادلة، ربما أذكر فى هذا الصدد المحامى النبيل الراحل أحمد نبيل الهلالي ابن الباشوات والمدافع الأول عن فلاحى مصر.


قس على ذلك أدورا شتى لأطباء قدموا خبراتهم وجهودهم فى حماية وعلاج مرضى دون حاجة لتأسيس جمعيات خيرية أو مراكز علاجية تجمع التبرعات بالملايين عبر إعلانات مستفزة.


وكذا معلمون ومعلمات قدموا من الجهود لتعليم البسطاء وأبنائهم داخل مجتمعات تؤمن طبقاتها بأن التعليم هو السبيل الوحيد أمامها للصعود الاجتماعي وتجاوز آثار أي فساد ومواجهة أي استبداد.


وخلال مرحلة تطبيق قانون التصالح في مخالفات البناء شهدت مهندسين يقدمون تقاريرهم الفنية لبسطاء من ملاك عقارات قديمة مجانا كجزء من صدقاتهم عن علمهم وصحتهم ربما يعوض ضعف إمكاناتهم المادية فى ظروف قاسية.


فى جائحة كورونا وجدنا صيادلة يتبرعون بأدوية لمرضى لا يعرفونهم ويقدمون العون والإرشاد حول بدائلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بجانب استشاري الأشعة والتحاليل الذين يردون طواعية على أية استفسارات حول فحوصات ويقدمون النصح والإرشاد للخائفين من تكاليف لا يتحملها متقاعدون عن عمل فى ظل الجائحة.


لم أتعجب أمام رحمة تسكن قلوب الناس ومحبة متبادلة حينما يقدم شباب على تنظيم أنفسهم فى خدمة رواد فعاليات ثقافية كمعرض القاهرة الدولي للكتاب وغيره، فطاقات العطاء لا تزال أسباب تفجرها قائمة.


هذه الروح يمتلكها المصريون وعلى الكافة إبرازها ولا يمكن إنكار وجودها وسط قيم وسلوكيات مرفوضة لكثيرين، ولو أن قيمة العطاء ارتبطت بحجمه المادي لما كان للأفكار النبيلة مكان بيننا.


فى ظني أن المرحلة المقبلة هى مرحلة المبادرات الفردية والجماعية التى لا انتماء فيها لغير الوطن والمجتمع، وفى تقديري أن أصحابها قادرون على إصلاح ما أفسده مناخ غير سوي أحاط بأمور كثيرة، وإحياء المحبة والتسامح بين الناس.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط