الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قانون قطع الأرحام وقانون عدوية


مرارا وتكرارا، نعيد التأكيد على أن قانون الأحوال الشخصية المصري يحتاج إلى نسف تام، وقانون محاكم الأسرة كذلك، ولا مفر من تعديل قانون الطفل أيضا.

حواديت الآباء والأمهات والأطفال المضارين من تلك التشريعات متشابهة حد التطابق، ولا يليق بمجتمع متحضر يسعى إلى النمو والازدهار تجاهل صرخة أى فرد به، كما لا يمكن القبول بقوانين تنتصر لطرف مقدما دون وجاهة دستورية أو قبول عقلي لهذا السلوك التشريعي.

مدعاة الحديث مجددا عن هذه الإبتلاء، ما ناقشته محكمة بندر إمبابة للأسرة بالأمس، من دعاوى أبرزها طالب فيها الأب المصري إيهاب صلاح بتمكينه من رؤية نجله عبد الرحمن لساعات سبع بدلا من ثلاث ساعات، ومبيته ليلة واحدة كل أسبوعين معه وأهليته، ليتعايش الطفل، "٩ سنوات"، مع جده وعمه ويعيش فى محيط علاقات والده المحترم.

مطلب الأب؛ لصالح ابنه؛ مدعوم بالمادتين الثامنة والتاسعة من إتفاقية حقوق الطفل وتؤكدان على حقه فى الصلات العائلية الكاملة لدى والديه، كما أن حكم القضاء الإداري رقم ٥٤٣٧٨ لسنة ١٧ ق ألغى قرار وزير العدل رقم ١٠٨٧ لسنة ٢٠٠٠ فيما تضمنه من تنظيم مدة رؤية الطفل المحضون، لإغفال سلطة القاضي في تحديد مكان تلك الرؤية وحصر القرار لها فى أماكن محددة في المادة الرابعة منه. 
 
حاجة الطفل إلى رعاية أبيه تزايدت بزواج الأم، وعدم الاقتناع بقدرة أم الأم على رعايته والتجاوب مع عقليته، بحسب تقدير الأب، لكن إنطلاق القانون من مبدأ أن النساء أولى برعاية الصغير يجعل الأب فى مرتبة متأخرة فى حق طفله فى نيل رعايته، ولو أن تقديرا مجتمعيا عقيما يشكك فى قدرة زوجة الأب على الرعاية والمعاملة الحسنة، ويشجع على بقائها بلا زواج بالأساس.

ما ينطبق على الأب إيهاب صلاح يتكرر مع مئات الآلاف من الآباء الأرامل الذين فقد أطفالهم حنان أمهاتهم وأتى القانون ليحرمهم آبائهم دون رحمة أو شفقة، وتجمعهم مراكز الرؤية أسبوعيا حال إلتزام الحموات بتنفيذها.

القانون ذاته ينال من حق الطفل لدى الأم المطلقة غير الحاضن، نظرا لاعتماد فلسفته واستحداثها مفهوم أو مصطلح "الحضانة" الذي لا يوجد له سند شرعي أو دستوري، ويخالف طبيعة البشر ويدمر علاقاتهم الإجتماعية والأسرية، رغم أن الأديان أحلت الزواج وأجازت الطلاق.

فى كواكب أخري؛ تعتمد حكوماتها مبدأ الرعاية المشتركة وتقره كحق للصغير على والديه وأهليتهما، لن تجد صراعا يصل حد التفنن فى قطع الأرحام، ولن تجد تفاوتا بين ثقافة شعب وتشريعاته، ولن تعثر على قدم لداعيات أو داعين للشقاق.

على هذه الكواكب؛ لن تجد مجتمعا يغنى فيه عدوية "إدى الواد لأبوه"، وتكتشف أن نفس المجتمع به من يصف الأب بالشاذ المحتمل عديم التربية المتسبب فى الطلاق ولو مخالعة لأن مطلقته تخشي ألا تقيم حدود الله مع رجل لا تعيب عليه دينه ولا خلقه.

على هذه الكواكب ستجد مشروع الزواج مترجما بمسماه "مشروعا"، يتشارك فيه طرفان لأجل إنجاحه ويتحمل كل منهما مسؤولياته ويلزمهما القانون معا بحقوق الصغير فى الرعاية والإنفاق، ويعيدان التفكير طويلا قبل إتخاذ القرار بالإنفصال حرصا على مستقبله.

لن تجد هناك قانونا أو قرارا يحدد علاقة أب أو أم بصغيرهما داخل أسوار وسط المئات والآلاف لا يستطيعان فيها مباشرة علاقة أبوية به، ولن تجد مزايدات على مكتسبات وهمية تعمق الشقاق والجراح بين العائلة الواحدة ولو تصدع بيتها.

ستجد الجميع يفكر فى مصلحة الكوكب وحقوق المستضعفين من حولهم، وأولهم الطفل، فقط لأنهم استعانوا بقانون "عدوية" ولن أقول لك أنهم طبقوا شريعتنا لنروج نحن أكذوبة أن كوكبهم به إسلام بلا مسلمين أو عقيدة بلا مؤمنين.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط