الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بتونس بيك وأنت كورونا


(وَنَسْ) اسم عربي مميز يطلق على الذكور والإناث، ويعني الألفة والصحبة ويوحي بالدفء والأُنْس، وهو من الأسماء النادرة على الرغم من معناه الجميل، ويذكر في معجم المعاني الجامع أن الفعل (آنَسَ) يأتي بمعنى الملاطفة فمثلا عندما نقول (آنَسَ زَمِيلَهُ) أي سَلاَّهُ وَلاَطَفَهُ وَجَعَلَهُ يَشْعُرُ بِالأُنْسِ وَالأُلْفَةِ، أي أَنَسَهُ، و (مُؤنِس) هو اسم الفاعل من (آنَسَ) (مُؤْنِسٌ لَهُ فِي حَيَاتِهِ) أي مُلاَطِفٌ لَهُ وَمُزِيلٌ لِوَحْشَتِهِ، فيقال على سبيل المثال: كَانَتْ وَحِيدَةً لاَ مُؤْنِسَ لَهَا حتى جاءها مُؤنِس.

وأعتقد أنه من أجل كل هذه المعاني الجميلة التي يحملها الفعل (آنَسَ) جاء التفاف الناس اللاشعوري حول أغنية (بتونس بيك) للفنانة وردة في مطلع التسعينات.

وربما لم يفكر الجمهور في سر حبهم لهذه الأغنية والذي أراه من وجهة نظري يكمن في أن كل البشر يبحثون طول العمر عن (الوَنَسْ) ذلك ما جعلهم يعطون هذه الأغنية قدرا كبيرا من اهتمامهم لأنها تتوافق مع رغباتهم الوجدانية وبحثهم عن (الوَنَسْ).

بتونس بيك من كلمات "عمر بطيشه" ولحن "صلاح الشرنوبي" دعوني أذكركم ببعض كلمات الأغنية:
بتونس بيك وانت معايا 
بتونس بيك وبلاقي في قربك دنيايا 
لما تقرب أنا بتونس بيك 
واما بتبعد أنا بتونس بيك 
وخيالك بيكون ويايا ويايا 
وان جاه صوتك .. صوتك بيونسني 
وهواك في البعد .. في البعد بيحرسني 
والشوق يناديلك جوايا 
وانا وانا وانا وانا وانا وانا 
أنا بتونس بيك وانت معايا 


وإذا نظرنا لمعنى (الوَنَسْ) في ظل ظروف (كورونا) والتي نعيشها منذ فترة، لوجدنا أن (الوَنَسْ) ملأ كل البيوت المصرية، فبالرغم من حالة القلق السائدة وحالة الخوف المتزايدة يوما بعد يوم إلا أن (الوَنَسْ) يملئ البيوت،  لقد اجتمع كل أفراد الأسرة لساعات طويلة في البيت، وإن كان الجميع أتى ذلك مضطرا أي دون رغبة منه، ولكن كان ذلك في البداية فقط.


أما الآن و بعد شعور الجميع  بالدفء العائلي (الوَنَسْ) أعتقد أننا أصبحنا نأتي ذلك طواعية.

لقد أثبت رب الأسرة (الأب) أنه يستطيع التخلي عن طقوسه اليومية مثل لعب (الطاولة) مع أصدقائه يوميا على المقهى، بل أثبت لنفسه أولا أنه يستطيع العيش بدون متابعة الدوري الإنجليزي في كرة القدم، وأن وقته سيكون أجمل إذا قضاه وهو يلعب مع ابنته الصغيرة التي كانت تفتقد أباها ولا تعرفه بالرغم من وجودهما تحت سقف واحد، لقد اكتشف الرجل فجأة أن وجوده في البيت (يُؤنِسْ) زوجته وأن حديثه وملاطفته لها شيء سهل جدا وبسيط ولكن نتائجه مذهلة.

شيء عجيب لقد امتلأت زوجتي بالحنان واللُطْفِ فجأة، أليست هذه هي المرأة العصبية صاحبة الصوت المرتفع دائمة التوتر والشجار مع أبناءها، هكذا كنت أراها دائما قبل الحجر المنزلي، ما الذي غيرها لتصبح كذلك، عزيزي الرجل أنت الذي ساهمت في عصبيتها وتوترها من قبل وأنت الآن الذي تعيد لها اتزانها النفسي وثباتها الانفعالي، لقد أعدت لها هدوءها وحولتها لتكون سَكَنًَا لك، وكل ذلك حينما شَعُرَتْ منك (بالوَنَسْ).

وهنا أذكركم ببعض الكلمات التي نشدتها وردة في ذات الأغنية وهي تبحث عن (الوَنَسْ):
(أرجوك ما تسبنيش وحديه ... وان غبت ولو حتى شويه  كلمني كتير) وهنا قدم (عمر بطيشه) على لسان "وردة" إجابة للرجل الذي يسأل عن سبب تَوَحُش زوجته أحيانا ولخصه في كلمتين وهما (الوِحدة والإهمال)، وقدم لك الحل أيضا عزيزي الرجل، أرجوك لا تترك زوجتك وحيدة لمدة طويلة، وإن اضْطُرِرْتَ لذلك فعليك بمهاتفتها كثيرا حتى تُشعرها باهتمامك وعدم إهمالك لها، وأن غيابك عنها هو غياب جسدي فقط بينما هي تعيش بداخلك وتستحوذ على جُلَ تفكيرك،،،،، دُمتم بوَنَسْ وفن.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط