الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أنا اتغيرت..


عام 1970 وعلى مسرح قصر النيل شدت أم كلثوم رائعتها "إسأل روحك"، كلمات "عبد الوهاب محمد" ولحن "محمد الموجي"

دعوني أذكركم ببعض كلمات الأغنية:
اسأل روحك إسأل قلبك .. قبل ما تسأل إيه غيّرني
أنا غيرني عذابي في حبك .. بعد ما كان أملي مصبرني
غدرك بيا أثر فيا.. 
واتغيرت شوية شوية  .. اتغيرت و مش بإيديه
وبديت أطوي حنيني إليك .. واكره ضعفي و صبري عليك
واخترت ابعد .. وعرفت أعند .. حتى الهجر قدرت عليه
شوف القسوة بتعمل إيه.

وقد اخترت من كلمات الأغنية هذا البيت (اتغيرت شوية شوية .. اتغيرت و مش بإيديه)
لأجعله مدخلا لمقالي اليوم، والذي أبدأه بهذا السؤال لجميع القرَّاء: ما الذي يغير تفكير الشخص وتصرفاته؟
في الحقيقة هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى تغيير نمط تفكير الشخص أو تكون نقطة تحول في حياته.

تُعد (الصدمة) أحد أهم هذه الأسباب، والصدمة هي مفاجأة غير متوقعة وغير سارة في أغلب الأحيان، قد تكون صدمة عاطفية حين يتعرض الشخص لخيانة من المحبوب الذي أعطاه كل الحب وكل الثقة، وقد تكون صدمة اجتماعية حين يحدث انفصال بين الزوجين فتكون صدمة للأطفال بل ولكلا الزوجين أيضا، وقد تكون صدمة في مجال العمل حين يقرر صاحب العمل الاستغناء عن خدمات أحد الموظفين بصورة مفاجئة، وقد تكون صدمة اقتصادية على مستوى الأفراد حين يتعرض الشخص لفقد أمولا طائلة بصورة مفاجئة كتعرضه للخسارة في البورصة مثلا أو ضياع مشروعه الخاص بسبب حريق مفاجئ أو ما شابه ذلك، كل هذه الأزمات تُسمى صدمات لأنها تأتي بصورة مفاجئة وغير متوقعة، وهنا تكون هذه الصدمة نقطة تحول في حياة الشخص، إما أن تقضي عليه تماما إذا سمح لنفسه بالانهيار ولم يرض بقضاء الله، أو تنقله إلى حياة أفضل إذا أعاد ترتيب أوراقه بسرعة واستثمر هذه الصدمة ليغير حياته إلى الأفضل ويبدأ من جديد.

وفي ظل الظروف الحالية وتعرض البلاد لصدمة (فيروس كورونا)، وأسميها صدمة لأنها اجتاحت العالم أجمع بصورة مفاجئة وغير متوقعة، حتى أن علماء الفلك والأبراج  وقارئي الفنجان والكوتشينة أطلوا علينا في بداية عام 2020 وهم محملين بالأمنيات السعيدة والتوقعات المبهجة التي ستسود العالم أجمع في 2020، ولا تعليق إلا (كذب المنجمون ولو صدقوا).

أما عن نفسي فأرى أني (اتغيرت شوية شوية .. اتغيرت ومش بإديه)، اتغيرت بعد الاجراءات الاحترازية التي اتخدتها الدولة لمواجهة فيروس كورونا، اتغيرت بعد الالتزام بحملة خليك في البيت، اتغيرت بعد ما أعدت اكتشاف نفسي، بعدما كنت أعمل أكثر من 16 ساعة دون توقف بحثا عن المال وزيادة الدخل، اكتشفت فجأة أن الحفاظ على الصحة أهم، اكتشفت فجأة أن الترابط الأسري مهم جدا وأن التفاف جميع أفراد الأسرة حول مائدة الغداء مهم أيضا ولن يتحقق وأنا خارج المنزل 16 ساعة، اكتشفت فجأة أن الدنيا مش مستاهلة خصام ومشاحنات وزعل بين الأهل والأصدقاء والجيران بل بين الغرباء أيضا، اكتشفت أن المحافظة على الصلوات المكتوبة فحسب ليس كافيا فلابد من ركعات ولو قليلة لم يكتبها الله علينا، وأن قراءة ما تيسر من القرآن ولو بضع آيات كل يوم لن يضيع من وقتي شيئا بل سيملأ يومي بركة، تعلمت أن تخطيطي للمستقبل البعيد مهم ولكن ليس مضمون التحقيق لأنه ما بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال ٍ إلى حالِ، توقفت فجأة عن قول هذه العبارة "معنديش وقت" والتي كنت أقولها كل يوم أكثر من عشرين مرة لأهرب من بعض مسؤولياتي وأهمها صلة الرحم، تعلمت مهارات جديدة كانت تنقصني في مجال عملي مثل التواصل مع طُلابي (On Line) ولم أكن أشعر أن ذلك مهما.

اكتشفت فجأة أن يومي يتسع إلى العمل وأداء العبادات ورعاية الأسرة وممارسة الهوايات وصلة الرحم ولو بالتليفون واكتساب بعض المهارات الجديدة، وممارسة بعض الرياضات المنزلية، اكتشفت إني اتغيرت شوية شوية .. اتغيرت لكن بإديه، وأنت كمان عزيزي القارئ حاول تتغير .. اتغير للأفضل .. حب بيتك .. خليك ف البيت ،،، دُمتم بحب وفن.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط