قالت الدكتورة منى طه عامر، أستاذ القانون المدني والتحكيم الدولي، إن التحكيم أصلا يقوم على مبدأ سلطان الإرادة، أي حالة وجود نزاع بين طرفين سواء كانوا شركات أو أفرادا، لكنهما لا يريدان أن ينظر النزاع امام المحكمة، والتحكيم هو طريق استثنائي من طرق التقاضي.
وأضافت «عامر» في حوار خاص لـ «صدى البلد» أن أو ل شرط من شروط اتفاق التحكيم أنه يكون مكتوبا، لأنه استثناء من الأصل العام، وهو القضاء الوطني، لافتة إلى أن اللجوء إلى التحكيم يمكن أن ينص عليه في أي تعاقد بين طرفين.
وأوضحت أن التحكيم يتميز عن القضاء الوطني؛ بأن المتنازعين هم من يختارون قاضيهم المخول إليه نظر القضية وبذلك يحددون لغة التحكيم ومكان انعقاد الجلسات، مع العلم أن هيئة التحكيم قد تكون فردا أو مكونة من 3 أشخاص أو 5 بهذا التسلسل، المهم أن يكون عدد أعضاء هيئة التحكيم فرديا، مع الأخذ في الاعتبار أن أطراف النزاع يختارون أعضاء هيئة التحكيم، ليس لتمثيلهم أو ينوبون عنهم.
وتابعت: "لكن الاختيار نابع من ثقتهم في نزاهتهم وأنهم عدول وثقة، ثم يجتمع هؤلاء الأعضاء لاختيار رئيس الهيئة، وهو من يمثل العدد الفردي في هيئة التحكيم، وهذا يختلف عن القضاء الوطني؛ لأن المتنازعين ليس لهم يد في اختيار القاضي.
وتابعت أن من مميزات التحكيم أيضا، سرعة إجراءات التقاضي، إذ إن مدة نظر الدعوى والفصل فيها يكون عادة أشهر قليلة وبحد أقصى عام واحد فقط لإتمام إجراءات التقاضي، إلا اذا اتفقت الاطراف على التمديد وفي المقابل، فإن في القضاء الوطني قد يتم تداول القضية لسنوات عدة، كما أنه في التحكيم يمكن تحديد فترة زمنية معينة يتم فيها تداول القضية وإصدار الحكم مع نهاية المدة المحددة، وهذا يمكن الاتفاق عليه في الجلسة الاجرائية الأولى في التحكيم.
وأشارت خبيرة التحكيم الدولي، إلى أن التقاضي عن طريق التحكيم يوفر أيضا إمكانية الاستعانة بخبراء فنيين، فعلى سبيل المثال قد يكون النزاع هندسي، فيمكن للمتقاضين أن يختاروا أحد أعضاء هيئة التحكيم متخصصا في مجال الهندسة، أما إذا كانت القضية متداولة أمام القضاء الوطني فإن القاضي الذي يتولى القضية يتوجب عليه الاستعانة بخبراء متخصصين في المجال المتنازع فيه.
وأضافت أيضا أن من مميزات جلسات التحكيم أنها تكون سرية، ويتم تداول القضية بجلسات تعقد بين طرفي النزاع كل بمحاميه او وكيله القانوني مثلها مثل جلسات المحكمة العادية وحتى صدور الحكم والذي يعتبر نهائيا وغير قابل للاستئناف الا بالطعن بالبطلان في حالة أن خالفت هيئة التحكيم الإجراءات القانونية الصحيحة.
وقالت الدكتورة منى عامر، أستاذ القانون المدني والتحكيم الدولي، إن من مميزات التحكيم أيضا أن القاضي الذي ينظر القضية لا يشترط أن يكون دارسا للقانون، بل يمكن أن يكون عمدة البلد على سبيل المثال، إذ إنه أقرب إلى ما يطلق عليه بين العامة الجلسات العرفية.
وأضافت أن قانون التحكيم اعتمد على هذه المبادئ العرفية ومنحها شكلا قانونيا، أي أنه بعد صدور حكم التحكيم يتم نقله للمحكمة الوطنية، لكي يأخذ ختم السند التنفيذي، ثم تبدأ المحكمة الوطنية تنفذ حكم التحكيم مثله مثل أي حكم صادر عن المحكمة.
وتابعت أن من أهم ما يميز التحكيم، هو أن الحكم فيه غير قابل للاستئناف، لكن يجوز الطعن عليه بأمرين، إما بالبطلان إذا كانت هيئة التحكيم هيئة غير مهنية أو غير متخصصة فسارت إجراءات التقاضي بشكل خاطئ وكانت مخالفة لإجراءات القانون، ونظر بطلان الحكم يتم أمام محكمة الاستئناف الوطنية، وهي لا تنظر الدعوة الأصلية ولكن تنظر في حيثيات الحكم، أما في التحكيم بين الدولي يتم تقديم التماس إعادة النظر، وذلك في حالة تقديم مستندات مزورة في القضية أثرت على الحكم.
وأكدت أن مميزات اللجوء للتحكيم تتمثل في أن الحكم نهائي وحكم سريع وحكم سري صادر من قاضٍ متخصص؛ ولهذا اتجه الاستثمار في العالم كله إلى التحكيم.