الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عَكْ .. عَكْ


في عام 1964 قدمت شركة أفلام الشرق الجديد فيلما تاريخيا عن حياة العرب في مكة في العصر الجاهلي وظهور الدعوة الإسلامية، وهو الفيلم السينمائي المصري (هجرة الرسول) بطولة ماجدة وإيهاب نافع وهدى عيسى ومحمد أباظة، ومن إخراج ابراهيم عمارة.

وقد تضمن الفيلم تصويرا رائعا لما كان عليه حال شبه الجزيرة العربية قبل نزول الإسلام، لاسيما مكة المكرمة.
وببراعة فائقة قام المخرج "إبراهيم عمارة" بتجسيد مشهد طواف الكفار حول الكعبة المشرفة المحاطة آنذاك بالأصنام من كل اتجاه، وهو المشهد المتكرر دائمًا في كل الأفلام التاريخية التي تناولت هذه الحقبة،والذي يصور الكفار وهم يطوفون ويتمتمون بكلمات غير مفهومة بالنسبة لنا، بل وربما لا نستطيع أن نسمعها جيدًا، وكل ما تلتقطه الأذن جملة واحدة "نحن غرابا عَكْ"، دون أن نعلم معناها، أو المقصود منها.

وقد قام الشاعر "عبد الفتاح مصطفى" بإعادة صياغة هذه الكلمات وترتيبها ليقوم الملحن الفذ "بليغ حمدي" بدوره بتلحينها باللحن الذي يعلق في أذهاننا جميعا، لدرجة أننا تصورنا في لحظة ما أن هذا هو اللحن الحقيقي لنشيد الكفار أثناء طوافهم بالكعبة، وهو بالطبع ليس اللحن الأصلي، حيث أنه لم يصل إلينا مدونا موسيقيا ولم يصلنا بالمشافهة أيضا، ولكن استطاع بليغ حمدي أن يقنعنا بأنه اللحن الأصلي، لما استخدمه من جمل لحنية بسيطة تقترب من الإلقاء المنغم (ريسيتاتيف) أكثر ما تقترب للغناء، وهنا تكمن عبقرية التلحين.
ويعود أصل نشيد (نحن غرابا عك)، إلى قبيلة يمنية اسمها "عَكْ"، يقصد أهلها الكعبة كل عام للحج، وكانوا يرسلون عبدين أسودين يطوفان حولها وينشدان "نحن غرابا عك"، أى "نحن عبدا قبيلة عك"، إذ كانوا يطلقون قديمًا على العبد شديدالسواد كلمة "غراب"، ثم يرد أهل القبيلة على العبدين أثناء طوافهما "عك إليك عانية"، أى أن القبيلة جاءت إليك "خاضعة"، ثم "عبادك اليمانية"، أي الذين جاءوا من اليمن، "كيما تحج الثانية"، أى أنهم جاءوا ليحجوا مرة أخرى.
ودعوني أذكركم بكلمات النشيد:
"نحن غرابا عَكْ عَكْ..عَكٌ إليك عانية..عبادك اليمانية..كيما نحج الثانية..لبيك اللهم هبل..لبيك يحدونا الأمل..الحمد لك..والشكر لك..والكل لك..يخضع لك..لبيك اللهم هبل".
إلى أن جاء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام التى أخرج بها الناس من الظلمات الى النور فأصبح يطوف المسلمون حول الكعبة مرددين "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك" الحمد لله على نعمة الإسلام،،، دُمتم بخير وفن.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط