على بعد أمتار من دار القضاء العالي، بقلب القاهرة، يقع المعهد العالي للموسيقى العربية، الذي يشمل بداخله متحف موسيقار الأجيال الفنان محمد عبدالوهاب، الذي حل أمس ذكرى، ميلاده، حيث يعتبر المتحف قطعة حية من الفن والتاريخ، يجسد فيها مراحل حياة الموسيقار الكبير، حيث قررت دار الأوبرا المصرية فتحه مجانا أمام الجمهور على مدار الأسبوع الجاري، بمناسبة احتفال وزارة الثقافة، بذكرى ميلاد الراحل.
ويشكل معهد الموسيقى العربية محطة رئيسية في مسيرة عبد الوهاب الفنية، فقد استقبله المعهد مغنيا في عام 1923 أمام الملك فؤاد في حفل افتتاح المعهد، واستقبله ثانية عام 1931 طالبا، وها هو يستقبله مجددا بمتحفه الدائم بالطابق الثاني تخليدا لذكراه، وتوثيقا لتراثه الموسيقى.
ويعرض المتحف قصة حياة الموسيقار المصري الملقب بموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، والذي ولد عام 1897، كما يحتوى على الأوسمة وشهادات التقدير والميداليات التي حصل عليها الموسيقار محمد عبدالوهاب، وبعض الصور النادرة والمتعلقات الشخصية لـ عبدالوهاب.
يحتوى المتحف على عدة قاعات تمثل حياة موسيقار الأجيال الفنان محمد عبدالوهاب، والتي من بينها قاعات: الذكريات التي بها جناحا أحدهما لطفولة ونشأة للفنان الكبير، والآخر غرف الفنان الخاصة بنومه ومكتبه، إضافة إلى قاعة السينما التي تتضمن كل الأفلام التي شارك فيها الفنان الكبير.
ورصد "صدى البلد" مجموعة من الصور لمحتويات متحف الفنان الكبير، والتي تظل شاهدة على عبقريته وحياته.
فحال دخولك إلى المتحف ستجد ملصقا يمثل عبد الوهاب في مراحله الثلاث: "الطفولة والشباب والشيخوخة"، وبالقرب منه يوجد العود الذي أبدع عبد الوهاب على أوتاره ألحانه وأغانيه، إلى جانب عصا قيادة من الأبنوس الأسود كان قد استخدمها في قيادة الفرق الموسيقية العسكرية في تأدية النشيد الوطني المصري «بلادي بلادي» الذي كان لحنه الموسيقار الراحل فنان الشعب سيد درويش، وأعاد توزيعه محمد عبد الوهاب.
وتجسد معروضات القاعة الأولى نشأة عبد الوهاب في حارة برجوان بحي باب الشعرية، وصورة لبيته الذي عاش به والذي لا يزال قائما حتى الآن، واسمه محمد عبد الوهاب محمد أبو عيسى الشعراني، وبالحي مسجد يحمل اسم الشيخ الشعراني، كما توجد بالقاعة صورة لتمثال عبد الوهاب في باب الشعرية.
وفي صندوق زجاجي في هذه القاعة، توجد بطاقته الشخصية وصور تمثله في مراحل سنه من الصبا حتى الشيخوخة، وأخرى تصور علاقته مع أمير الشعراء أحمد شوقي التي تعد من أهم مراحل حياته، حيث تبناه شوقي منذ صغره واشتركا معا في الكثير من الأعمال من بينها «في الليل لما خلي» التي غناها محمد عبد الوهاب في حفل افتتاح معهد الموسيقى العربية، وأوبريت مجنون ليلى.
كذلك تضم القاعة صندوقا زجاجيا آخر، يحمل عنوان «البدايات الفنية»، صورا له مع فرقة عبد الرحمن رشدي، وفرقة نجيب الريحاني، وصورا له مع الفنانة فاطمة رشدي وهما طفلان صغيران.
وضم صندوق ثالث حمل عنوان «عبد الوهاب والإذاعة المصرية» صورا له مع بعض الفنانين والمثقفين، بينها صورة جمعته مع الأديب سعيد فريحه، والإذاعية سامية صادق، وصورة أخرى له وأم كلثوم، وتحمل الصورة تعليق «لقاء السحاب» الذي أطلق على لقائهما الأول في أغنية «أنت عمري» التي لحنها لها بناء على طلب خاص من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في عام 1964، ووضع في نفس المكان أول ميكروفون استخدمه عبد الوهاب عام 1934 في أول أغنية غناها في الإذاعة المصرية كأول مغن يغني فيها، والطريف أن عبد الوهاب حافظ على استخدام هذا الميكروفون خلال غنائه في الإذاعة المصرية حتى رحيله.
كذلك هناك ثلاثة عقود موقعة بين عبد الوهاب والإذاعة المصرية، بينها عقد موقع في عام 1945 يبرز تقاضيه 300 جنيه مصري عن الأغنية التي يقدمها للإذاعة، ويعتبر هذا المبلغ في تلك الفترة كبيرا جدا، وفي غرفة أخرى للعرض السينمائي وضع عليها عنوان «عبد الوهاب والسينما» حيث تعرض أفلام عبد الوهاب على شاشة بلازما، ومن المعروف أن عبد الوهاب قدم 9 أفلام في السينما المصرية، 7 منها لعب فيها دور البطولة، واثنان ظهر فيهما كضيف شرف.
وفي غرفة ثانية وضع الأورج الخاص به، وهو أول من أدخل الآلات الغربية في ألحانه، مع صورة له وهو يعزف على نفس الأورغ في منزله إلى جانب مدونات موسيقية.
وكان الدكتور مجدي صابر، رئيس دار الأوبرا، قد وجه الدعوة لأطفال المدارس وطلبة الجامعات لزيارة المتحف حيث يروي ملامح مشوار حياة محمد عبد الوهاب.
وقال الباحث حمدي مصطفى، الأستاذ بمعهد الموسيقى إن الفنان العبقري محمد عبدالوهاب لم يرحل من الذاكرة العربية، فهو ما زال معنا وأجيال من بعده جاءت لتدرس موسيقاه، وهناك من حاول أن يؤدي دوره أو يقتبس من موسيقاه، ولكنهم جميعا لم يوفقوا لأن عبدالوهاب هو الهرم الرابع الصامد الذي لا يمكن أن ينسى، وأنت تمشي في ردهات المتحف تتذكر كل الأعمال الفنية الجميلة التي أبدعها هذا الفنان الكبير الذي أسس مدرسة فنية تخرج منها.
وأضاف "مصطفى" أن بداخل المتحف ترى نماذج من شهادات التقدير والميداليات الذهبية التي حصل عليها الفنان من جهات رسمية، وخاصة من مصر وبلدان عربية كثيرة، وهناك كذلك الأوسمة وشهادة الدكتوراه الفخرية التي أهداها له بعض الملوك والرؤساء.. كذلك يحتوي المتحف على بعض الصور النادرة والمتعلقات الشخصية للفنان، كما توجد في المتحف غرفة الكمبيوتر التي تعرض قصة حياة الراحل، وتحتوي على صور في مناسبات واحتفالات وحفلات كثيرة شارك فيها.