امتلأت شوارع فرنسا، السبت، بالمتظاهرين في أقوى موجة احتجاجات تشهدها البلاد منذ وصول الرئيس إيمانويل ماكرون للحكم، احتج المتظاهرون على فرض ضريبة بيئيّة على الوقود وزيادة أسعارها وكذلك على سياسة الحكومة الفرنسية التي أثرت على القدرة الشرائية للمواطنين، إذ وصل عدد المتظاهرين خلال اليومين الماضيين إلى 350 ألفا، إلا أن تلك التعبئة تميزت بانتشار أشخاص يرتدون "السترات الصفراء"، وأطلق على تلك الاحتجاجات التي أودت بحياة سيدة وأصيب فيها نحو 500 شخص، مظاهرات أصحاب السترات الصفراء.
السترات الصفراء هي حركة عفوية ليس لها توجه سياسي معلن أطلقت على نفسها اسم "السترات الصفراء"، ودعت لإغلاق كافة النقاط الحيوية والاستراتيجية في البلاد، من الطرقات إلى محطات الوقود مرورا بالمواصلات، بدأت الدعوة لاحتجاجات شعبية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي في 10 أكتوبر الماضي، عن طريق اثنين من سائقي الشاحنات، إلا أن الدعوة لاقت رواجا واسعا وجذبت أكثر من 200 ألف شخص قبل انطلاقها، وفقا لإذاعة "أوروبا 1" الفرنسية.
السبب الرئيسي وراء الدعوة لتلك الاحتجاجات هو رفع أسعار الوقود الذي أقرته الحكومة الفرنسية في أكتوبر الماضي، لكن الحركة العفوية انتشرت بسرعة البرق على وسائل التواصل الاجتماعي وتحولت لمجموعة رافضة لسياسات الرئيس الفرنسي وحكومته، تحديدا فيما يخص السياسات الضريبية التي أثرت على الطبقات المتوسطة وخفضت القدرة الشرائية لدى الفرنسيين، ودعت الحركة في أول مظاهراتها إلى قطع الطرق وإغلاق كافة النقاط الحيوية، ما أثار قلق السلطات في فرنسا.
أهم ما يميز "السترات الصفراء" أنها حركة عفوية انطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي وليس لها زعيم أو هيكل سياسي أو نقابة أو أي خلفية حزبية، بعكس الحركات الاجتماعية التي شهدتها فرنسا قبل ذلك، حيث اعتمدت على المشاركة الافتراضية والطاقات البشرية على وسائل التواصل الاجتماعي، ويقول مدير معهد "إيفوب" الفرنسي للاستطلاعات إن تلك الحركة تمثل فئات مختلفة من المواطنين الفرنسيين وهي بمثابة "حركة شعبية" ضمت الغاضبين من سياسات الرئيس ماكرون وحكومته وهو ما يزيد من خطورة الأمر بالنسبة للسلطات الفرنسية.
ورغم أن الحركة لا تمتلك قائدا، إلا أن بعض الناشطين على وسائل التواصل أصبحوا بمثابة متحدثين باسم الحركة واستضافتهم الإعلام لمرات قليلة، كانت جاكلين مورو وهي سيدة تعمل سائقة قد نشرت مقطع فيديو يدعم الحركة، ولاقى المقطع رواجا واسعا وشوهد نحو 6 ملايين مرة، من بعدها انتشرت الحركة كالبرق في الوسط الفرنسي ولاقت دعما غير مسبوق وضع الحكومة الفرنسية أمام تحد حقيقي لقياس مدى الرضا عن سياساتها.
وأشارت وسائل إعلام فرنسية إلى أن الحركة بدأت بتجمع من سائقي السيارات ومحبيها بوجه عام لكنها أصبحت حركة شعبية فعلية ضمت العديد من فئات الشعب الفرنسي، لتظهر حركة جديدة في فرنسا تشكل أقوى تحد جماهيري أمام حكومة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.