الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زين ربيع شحاتة يكتب: مستوى الإدراك مصدر الضعف السياسي

صدى البلد

أن المتابع للشأن العام المصرى وبخاصة الاجتماعى الذى يتأثر بشكل مباشر بالظروف الاقتصادية قد يرى أن الأمور مستقبلًا ضبابية ولا تنذر بتقدم على الصعيد الاقتصادي والسياسي، وأن الموازنة العامة للدولة وسياستها التى تعتمد على الترشيد الاستهلاكي المؤلم مصدر تخوفات قد لا يكون لها أساس من الصحة وذلك بتعميق النظرة وتفسيرها علميًا بعيدًا عن المحاباة واتهامات التحيز التى ستمحوها المبررات العقلانية.

وإذا بدأنا من الموازنة العامة لأى دولة نجد أنها وبنسبة 90% ترتبط باتفاقيات متجددة تفرضها ظروف جديدة، بالإضافة إلى أسباب قانونية كتوقيع عقود أو اتفاقيات قديمة، وأسباب اقتصادية كمراعاة التوازنات الكبرى، ويحضرنى هنا قول "فليب برو" ( أن الحاضر دائمًا يكون مرهونًا بالاتجاهات الثقيلة الموروثة عن الماضى، والتى لا يمكن لأحد فى الواقع السيطرة عليها ).

وبالنظر إلى السياسة العامة والتى تعنى رغبة السلطة أو الحكومة تنفيذ قرارات يتبعها إنجازات، يمكن تصنيفها إلى أربعة أنواع تتوقف على وضع السياسة العامة وأهدافه الشخصية منها، فهناك سياسة يتم وضعها وترتيبها لصالح فئة اجتماعية أو مجموعة مصالح نجحت فى الحصول على موضع قدم داخل السلطة، معتمدة على موارد سياسية كحشد شعبى وقت الحاجة أو مبدأ المساومة (المصالح مقابل الدعم)، والنوع الثانى أن يكون للسلطة فائدة مشروعة تسعى للوصول إليها كتبنى قضية إجتماعية ينتظرها الشعب كما نلاحظ فى الاهتمامات السابقة للانتخابات، والنوع الثالث أن تكون الظروف هى اللاعب الرئيسي والفارض للسياسة العامة، أما النوع الرابع وهو الأقرب للحالة المصرية أن يتبنى القادة السياسيون قضية ذات فائدة عامة، ويكونوا على يقين بأن سياستهم ستثير الكثير من الإنتقادات والاستياء كسياسات التقشف المالى.

وتأكيدًا بأن ما يحدث فى مصر الآن يسير وفق معايير علمية سأستعين بمقارنة وتحليل " جان باديولو" للتكاليف والفوائد السياسية، والذى يعتمد فى تفسيره على عامل الزمن وعامل مستوى إدراك عناصر العملية السياسية والتى رأى أن هناك سياسات عامة وخاصة المرتبطة بإعادة الهيكلة الإقتصادية والتى لا تظهر ثمارها إلا على المدى المتوسط فى حين أن تكلفتها الاجتماعية واضحة على المدى القصير، وأن هذه التكلفة تنتشر لدى طبقات أوسع وفى مستوى إدراك أضعف والذى يكون سببًا فى الضعف السياسي، وخلص "جان باديولو" إلى أن هذا النوع من السياسات إذا حظيت بدرجة تأسيس عالية وتعاون فإن احتمالات نجاحها قوية.

وقد نرى تأخر علاج بعض القضايا أو تعثرها كالتعليم وغيرها من القطاعات ويرجع ذلك إلى ضرورة الدراسة المستفيضة للقضية ووضع سيناريوهات حلها بالشكل الذى يلقى قبول السلطة صاحبة القرار ورضى الرأى العام أخذًا فى الاعتبار التجهيزات المادية والبشرية وكذلك المعوقات التى تنتظرها الكيانات السياسية الكارهة أو الأحزاب الهامشية التى لا تمتلك رأسمال شعبى وتسعى إلى قلب اللعبة السياسية التى تجرى فى ملعب الكبار سواء السلطة أو الأحزاب الكبرى رأسًا على عقب، وقد تستغل صوتها المرتفع والدعم الإعلامى مجهول التمويل والأهداف ليجد له مكان فى صلب قضايا يجهل صورتها الواقعية.

لذلك على المجتمع ومؤسساته وخاصة الإجتماعية والثقافية تولى مسئولية رفع مستوى الإدراك للمواطن حتى لا يكون فريسة للإحباط ويترك العمل والإنتاج عماد بناء الأوطان وضامن تقدمها لتحيا مصر.