الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التضخم السكاني وعشوائية التنظيم


النمو العمراني غير المخطط ويعد أحد أهم أسباب أزمة التخطيط والتنمية التى تعانى منها الدولة المصرية منذ ما يزيد عن النصف قرن، فدائما ما كان يوجه للحكومات اتهامها بالتقصير في توفير الخدمات والمرافق، ويضطر المواطن للتصرف بشكل منفرد بعيدا عن الدولة ليوفر لنفسه سكن ومرافق وخدمات، ومن هنا بدأت تنتشر ظاهرة المناطق غير المخططة والمناطق المتدهورة عمرانيا وفى قلبها المناطق داهمة الخطورة والتي تعرف بـ " العشوائيات "، وظلت هذه الأزمة لعقود طويلة، الدولة لا تضع خطط لاستيعاب الزيادات السكانية المتوقعة.

الأن كشف مجلس الوزراء عن تنفيذ 20 مدينة جديدة، من مدن الجيل الرابع، بمساحة إجمالية حوالى 580 ألف فدان، لتستوعب المدن الجديدة حوالى 30 مليون نسمة، هذه المدن الجديدة ليس هدفها فقط مواجهة النمو العمراني غير المخطط، ولكن هدفها أيضا استيعاب الزيادة السكانية المستقبلية، بالكامل فهي ليست مجرد مدن لتوفير مسكن ملائم فقط، ولكنها توفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، ليس فقط خلال فترة تنفيذ هذه المدن، ولكنها مدن تستهدف انشطة صناعية وتجارية.

خطورة التنمية العشوائية غير المخططة أنها لا تنتج فقط مساكن غير أدمية ولا يخدمها من مرافق وخدمات، ولكن التنمية العمرانية العشوائية تتسبب فى خلق فرص عمل عشوائية، على سبيل المثال اى منطقة عشوائية ستجد داخلها أنشطة تجارية غير قانونية وتفتقد كافة النواحي الصحية والصلاحية والجودة وتنظمها أسواق عشوائى، كما أنها تؤثر بشكل عام على البيئة المجتمعية وبناء الشخصية الصالحة للتعامل مع المجتمع.

النمو العمرانى العشوائي يحقق نمو ويزداد مع زيادة سكانه وقدراتهم المالية، ولكنه يظل نمو لا يخدم الاقتصاد الكلى للدولة، لأنه غير منتظم لا يخضع لاى ضوابط، فيكون هناك سوق وخدمات ولكن مستوى الخدمة والمنتجات ضعيف جدا وردئ، لأنه لا يخضع لاى رقابة.

يظل هذا السوق العشوائى ينمو ويخدم مجتمعه لكنه يظل يعتمد بالاساس على النشاط الريعيى وليس على الانتاج، وبالتالى لا يوفر فرص عمل تتناسب مع حجم السكان فى هذه المناطق، واللجوء الذى يعتمد على الانتاج داخل هذه المناطق، يوفر فرص عمل غير منتظمه ولا تلبي الاحتياجات الاساسية للعاملين بها فيضطر للعمل بأكثر من مهنه فى نفس الوقت أو أن يتنقل بين مهن كثيرة فى اوقات قصيرة فيفقد القدرة على تكوين خبرة فى مجان معين يمكنه الاستفادة من هذه الخبرة بعد ذلك فى تطوير دخله.

إن التنوع في المساحات ومواقع مدن الجيل الرابع الذى تنفذها الحكومة حاليا، بين مدن صغيرة واخرى ضخمة، بؤدي مباشرة إلى تنوع اقتصادي وخدمي لتوفير فرص العمل بالتزامن مع توفير السكن الملائم.

الكثيرين يرون أن مستقبل هذه المدن بعيد والبعض يرى أن أعمارها يحتاج إلى أجيال، ولكن وتيرة العمل الحالية في خطط التنمية، كفيلة بأن تجعل المدن الجديدة مفتوحة لفرص العمل التي بدأت بالفعل من خلال الأعمال الانشائية، وأعمال المرافق.

تلك هى الاشكاليات التى تواجه الأجيال الحالية والقادمة، ويجب لحلها من الأن وليس تأجيل حلها، وهو ما يتم من خلال تأسيس العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة والمنصورة الجديدة، وغيرها من مدن الجيل الرابع.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط