أعطى الشيخ محمد بن راشد، حاكم دبي، مهلة لعدد من مدراء ولايته لا تزيد على ستة أشهر من أجل تغيير بيئة العمل لديهم كي يشعر الموظفون بالرضا، حيث أكد في تغريدة نشرها عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أمس، الاثنين، أنه اطلع على تقارير رضا الموظفين في 40 جهة حكومية اتحادية بدولة الإمارات، حيث وصلت نسبة الرضا في بعض الجهات لـ 93%.
بينما كان هناك 5 جهات تقل فيها نسبة الرضا عن 60%، وأوضح بن راشد أن هذه النسبة غير مقبولة لأن "رضا الموظفين مفتاح لرضا المتعاملين"، قائلا في تغريدته: "هناك 6 أشهر مهلة نعطيها لمدراء هذه الجهات لتغيير بيئة العمل، رأس مال الحكومة الأغلى هو موظفيها".
ما كتبه محمد بن راشد على "تويتر" أثار حفيظة عدد كبير من الشباب المصري على "السوشيال ميديا"، في ظل أزمات اقتصادية واجتماعية متلاحقة تعيشها مصر، وفي ظل هجرة عدد كبير من الشباب للخارج بحثًا عن فرصة عمل.
غير راضٍ
سعيد عبد الرحمن، في الخامسة والثلاثين من عمره ويعمل مهندسا في أحد المشروعات التنموية ويتقاضى 5 آلاف جنيه شهريًا لكنه غير راضٍ عن عمله حسبما أكد في تصريحات مقتصبة لـ "صدى البلد"، "أنا متزوج ولدي طفلان ومرتبي يعتبر متوسط 5 آلاف جنيه، لكن مش بيعملوا حاجة بسبب الأسعار اللي كل يوم تزيد".
وأوضح أنه كان يحب عمله كمهندس قبل سنوات من الأزمة الاقتصادية الحالية، لكنه مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات المتكررة، فإنه بات يتعامل مع وظيفته على أنها أمر واقع وهو مستمر بها من أجل الحصول على مرتبه آخر الشهر فقط، "مبقاش فيه حماس زي الأول للإنتاج أو النجاح في الوظيفة، غصب عنك الحياة بتاخدك لمشاكلها".
لقمة العيش
"وائل. س"، يعمل موظف خدمة عملاء في إحدى شركات المقاولات، يقول إنه يعمل في مجال بعيد عن تخصصه، حيث إنه تخرج في كلية الحقوق.
وأضاف أنه اضطر للعمل في هذا المجال فقط من أجل كسب لقمة العيش، بعيدا عن حبه للعمل أو لا، وأنه لا يقيس الأمر بهذا الشكل لأنه في غير تخصصه على الإطلاق.
يقول وائل إنه تلقى وعدا من أحد المديرين بإلحاقه بالعمل في الشئون القانونية منذ مايقرب من العام، لكنه لم يحدث بعد، ربما يحب عمله إذا تحقق الأمر.
شعور بالتشاؤم
أستاذة الطب النفسي بجامعة عين شمس هبة عيسوي هي الأخرى، قالت في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن المشكلات المتراكمة سواء في الأمور الاقتصادية والاجتماعية بالقطع تؤثر على الحالة النفسية للعامل المصري، وهذا ينعكس من خلال عدم رضائه عن بيئة العمل في مصر.
"لو شعر الإنسان بالتشاؤم أو الحزن يُصاب على الفور بعدم الدافعية أو الرغبة في الإنجاز وهذا يوثر على بيئة العمل ويؤثر على رؤيته للمستقبل وخططه، وقد تزداد الأعراض لتصل إلى الشعور بالاكتئاب أو القلق النفسي لأن الشخص في هذه الحالة يفقد الثقة في إمكاناته".
وأضافت أنه حتى يرضى الموظف عن عمله لابد من توافر عوامل الرضا والنجاح من خلال أدوات محددة لتحقيق ذلك، فمثلًا الموظف الحكومي الذي يجلس بالساعات في مصلحة حكومية يحدم المواطنين تحت درجة حرارة تزيد على 40 درجة مئوية، في غرفة ليس بها جهاز تكييف، كيف يشعر بالرضا من أدى عمله؟.
غياب العدل الاجتماعي
ما قالته أستاذة الطب النفسي يؤكده أيضا الروائي ناصر عراق في مقال نشره سابقًا، أن الامتعاض من العمل أو من المهن التى نمارسها ينعكس بصورة مذهلة عى الأداء، حتى أصبحنا فى عداد الشعوب الكسولة التى لا يعرف فيها المرء فضيلة إتقان العمل، ولا يريد أن يتعلم ويتطور، مؤمنا بالمقولة السيئة "على قد فلوسهم".
في السياق ذاته ومن خلال دراسة أجراها المركز المصري للدراسات الاقتصادية والاجتماعية العام الماضي، فإن عدد العاملين في الوظائف أو المهن التي تحتاج شهادات جامعية في القطاع الخاص وصلت نسبتهم لـ 60%، وهذا يعنى أن 40% ممن يحملون شهادات جامعية يعملون في وظائف لا تحتاج هذه الشهادات.