الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حديقة الحيوان


ضجة مفتعلة أثارتها مواقع التواصل الاجتماعى حول حديقة الحيوان بالجيزة وإحدى أهم معالمها، وزعم أصحابها أن هناك قرارا ببيع أرض الحديقة لمستثمرين أجانب، خبر لو بحثت وراءه فستكتشف أنه مفبرك بالكامل بهدف إثارة البلبلة والتشويه بشكل متعمد، لا أساس له من الصحة ولا يمكن أن يصدقه عاقل.

مع ذلك أجد الإشاعة فرصة حقيقية للحديث عن أحوال أقدم حديقة حيوانات فى إفريقيا، والتى نالها ما نال كل معالم الدولة المصرية طوال عقود طويلة من تأخر عن التطوير ومواكبة الجديد، والإهمال، ثم جاءت الضربة القاضية بعد أن تم تشويهها عمدا خلال اعتصام النهضة، وكان روادها يعتدون على أشجارها التى تخطت أعمارها المائة عام، وبعضها يعد من فصائل النباتات النادرة، لم يتورعوا عن تقطيع أغصانها وتخريب باقي أجزاء الحديقة، ولم يسأل أحدهم " ما ذنب النباتات".

رغم فبركة الخبر التى تهدف للتشويه والاتهام بالباطل، إلا أن أحدا ممن تداولوا الخبر لم يشكك فى حاجة الحديقة للترميم، والتطوير، وإعادة افتتاح أركانها المغلقة والمهجورة، وضم فصائل جديدة من الحيوانات وزيادة العناية بالحيوانات الموجودة، فضلا عن توفير خدمات راقية وشكل جمالى يخدم رواد الحديقة، لتعود إلى خارطة أهم المزارات المصرية مرة أخرى.

تأتى نقطة الخلاف الرئيسية حين تطرح الأفكار حول كيفية تحقيق هذا الهدف، فى ظل انعدام الموارد ومنطقة خدمات هزيلة لا يمكن أن تأتى بمردود يتجاوز الواحد بالمائة من الذى تحتاجه الحديقة لتصبح كما كانت عليه فى أيام أمجادها، كما أن ثمن التذكرة لا يقارن بسعر أى تذكرة لحديقة حيوان فى كافة أنحاء العالم مهما بلغ حجمها، لكنه في نهاية المطاف أيضا يتناسب مع ما تحتوي عليه تلك الحدائق والمتنزهات من خدمات.

الحقيقة أن النقاش على طريقة النعام الذى يخفى رأسه فى الرمال، لم يعد السمة العام لأداء الحكومة فى جمهورية مصر العربية، وإذا ما كانت الدولة بصدد إعداد مشروع تطوير للحديقة بمشاركة أى جهة ذات خبرة ورؤية فى هذا المجال، فهذا أمر حسن يجب أن ندعمه وأن نسعى لإنجاحه، بدلا من الهجوم غير المبرر والمبنى على الشائعات.

من جهة أخرى فإن حب وحرص رواد الحديقة عليها أمر مبشر ويدعو الدولة والمسئولين إلى إسراع الخطى نحو تطويرها، لكن يجب أن يستوفى أى مشروع تطوير الشروط الحضارية التى تليق بتاريخ الحديقة، وأن تراعى البعد التراثى وكون الحديقة إرثا اجتماعيا وحضاريا هاما فى تاريخ الدولة المصرية الحديثة وفى قلوب المصريين.

بمعنى أن تدار الحديقة بنفس شروط إدارة المتاحف القومية، وسياسة الأسعار فى الإجازات الرسمية ولطلبة المدارس والجامعات حتى تطمئن مخاوف البعض من حرمان الطبقات الأفقر من الاستمتاع بمعلم حضارى هام.

وأخيرا فإن الرفض الأعمى والتمسك بسياسة يبقى الوضع على ما هو عليه يعنى أن تبقى حديقة الحيوانات على حالها إلى أن تذبل وتنتهى حيواناتها واحدا تلو الآخر، وتزوى أركانها، فإذا كنا نحب أن تستمر الحديقة نزهة جميلة يستمتع بها صغارنا يجب أن نسرع إلى تطويرها وتجميلها وإمدادها بكافة الإمكانات التى تجعلها مزارا راقيا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط