الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إلى الشراكة


تشير الإحصائيات الرسمية أن حوالي ثلث تعداد السكان في جمهورية مصر العربية يعيشون في إقليم القاهرة الكبرى والإسكندرية، طبقا لبيانات التعداد السكاني الأخير، البعض ينظر إلى هذه الأرقام باعتبارها أزمة كبيرة تواجه الدولة، ولاشك أن الزيادة السكانية تعد بمثابة الوحش الكاسر يلتهم أي معدلات نمو يتم تحقيقها.

ولكن في السنوات القليلة الماضية بدأت تظهر مدرسة جديدة في التخطيط والتنمية، تحاول هذه المدرسة تبنى رؤية مغايرة للكثافات السكانية المرتفعة، والنظر لها بإعتبارها فرص تنمية وليست عقبة له، الكثافات السكانية المرتفعة في مناطق مثل القاهرة والإسكندرية، هي مؤشر يؤكد أن هناك فرص مرتفعة لزيادة حجم المناطق العشوائية والامتدادات العمرانية غير المخططة، وما يترتب على ذلك من مستوى معيشة منخفض لسكان هذه المناطق التي في الغالب تعانى من ضعف الحصول على الخدمات العامة والمرافق.

الامتدادات العمرانية العشوائية وغير المخططة، يتم توصيل المرافق لها من خلال شبكات أهلية يقوم بتنفيذها المقاولين الصغار الذين يقوموا ببناء الوحدات السكنية، من خلال التعدي على أقرب شبكة خدمات لتنفيذ شبكات أهلية، سواء كان هذه المرافق خطوط مياه أو كهرباء، وفى المقابل لا يستطيع هؤلاء المقاولين الصغار توصيل مرافق الصرف الصحي على سبيل المثال.

أزمة هذه المناطق أنه تكون ملكيات صغيرة لعدد كبير من الأفراد، يحاولون تحقيق أقصى إستفادة اقتصادية من مساحات أراضيهم الصغيرة، فيلجئون إلى بناء عمارات بأقصى ارتفاع يمكن الوصول إليه في أزقة ضيقة، وفى المقابل لا يكون هناك أي تصور لدى هؤلاء الأفراد أن يراعوا الفراغات العامة في الميادين أو وجود جراج لخدمة سكان المنطقة ومن ناحية ثانية ونظرا لغيان رقابة الحياء والأجهزة التنفيذة للوحدات المحلية فإن حياة هؤلاء المواطنين تكون عرضه للأمراض وتهديدات الكوارث نظرا لصعوبة خطوط السير في تلك الأماكن وتطون عرضه أيضا لتفشي الجرائم وتشكل بعضها بؤرا إجرامية شديدة الخطورة. وعلى الصعيد الإجتماعي فتلك المناطق لا يوجد بها حدائق عامة ومتنزهات، او مساحات خضراء، او ملاعب أو ممشى او محال تجارية لتوفير الخدمات لسكان كل منطقة مما يؤثر بشكل مباشر على سلوكيات العامة للمقيمين بها.

في الحقيقة ينطلق السكان في تنفيذ مثل هذه التوسعات العشوائية في المدن للعديد من الأسباب منها عندما يكون معدل النمو والتخطيط لكل مدينة لا يتناسب مع حجم النمو الفعلي لسكانها واحتياجاتهم التي تزيد مع هذا النمو، فيلجأ السكان إلى توفير احتياجاتهم بأنفسهم، بالطرق التي تتناسب مع إمكاناتهم، واول هذه الإحتياجات هي توفير السكن، ثم ما يترتب عليه من خدمات ومرافق، كما أن إرتفاع أسعار الوحدات السكنية هو الأخر يعد من ضمن أسباب خلق تلك المناطق، وبقدر ما يحمل العرض السابق كثير من المساوئ، الا أنه يشير إلى أن المواطنين قادرين على توفير احتياجاتهم من السكن وغير ذلك من المرافق طبقا بالشكل الذى يتناسب مع قدراتهم المادية، وهو ما يمكن أن تبدأ الدولة في تبني وجهة نظر مختلفة في نوع مخططات المدن، وهى أن تترك الدولة المواطنين يوفرون احتياجاتهم بأنفسهم، وان تنسحب من دور المنفذ لتقف في موقف المنسق.

أن تكون الدولة منسق للمواطنين في الحصول على المرافق والخدمات، وأن تضع لهم تخطيطا للمناطق المتوقع التوسع العمراني فيها، تراعى فيه عرض الشوارع والفارغات العامة والأماكن التى تصلح لتنفيذ الخدمات العامة، مثل نقطة شرطة أو مركز اطفاء وإسعاف ومكتب بريد وغيرها في مقابل أن يقوم المواطنين بتحمل تكلفة البناء وفقا لإمكانياتهم، وبذلك يتم تحقيق الشراكة بين المواطنين والدولة وتنسحب الدولة من الدور الذي لم تستطيع تأديته على مر عقود وهو تحقيق التوازن بين العرض والطلب إلى كونها منظمة ومنسقة وضامنة لسلامة التنفيذ.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط