الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تشريعات ضرورية


تستعد الدولة المصرية لانطلاقة اقتصادية كبرى، باتت ثمارها أكيدة ومغرية لغالبية رجال المال والأعمال من كل أنحاء العالم، هذه الانطلاقة التى تحرص الدولة على إحاطتها بقوانين الحماية والتأمين، ولاشك أن أحد أهم هذه المنظومة المتكاملة من تلك القوانين قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الذى وافقت عليه لجنة الاتصالات بالبرلمان من حيث المبدأ استعدادا لإقراره، وقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي هجوما قاسيا على القانون، ووصمه البعض بأنه محاولة لتكميم الأفواه، والقضاء على حرية التعبير إلى آخره من اتهامات لا حصر لها، لكن من خلال المتابعة الدقيقة لمعرفة أبعاد الصورة من كافة زواياها نجد أن الأمر أكثر تعقيدا.

المؤكد أن هذا القانون قد تأخر صدوره بمدة لا يقل عن العشر سنوات في أقل تقدير منذ بداية الانتشار الأكبر لشبكة الإنترنت فى ربوع الدولة المصرية كلها، وبات فى إمكان أى شخص التعرف على عالم كامل من التفاصيل والبيانات الشخصية التى يمكنها أن تؤذى الأشخاص بنفس القدر من الأذى الذى تسببه الجرائم الجنائية الأخرى المتعارف عليها مثل النصب والسرقة والسب والقذف.

ومع ذلك فإن هناك العديد من النواحي التي لا تقل في أهميتها عن ما سبق بل يمكن أن تزيد، حيث يمكن الاعتداد بالقانون باعتباره أحد أطواق الحماية لكل تحركات الدولة صوب ما يطلق عليه رقمنة التعاملات الحكومية والبنكية، كما يمكن أن يكون طوق الحماية لكل المشروعات القومية الكبرى التى تؤسسها الدولة المصرية والتي تعتمد على التكنولوجيا الذكية خاصة في مشروعات مثل العاصمة الإدارية الجديدة، ومشروعات شرق التفريعة.

القضية إذًا تتجاوز تصفية الحسابات مع أشخاص يسيئون استخدام وسائل التكنولوجيا الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي بهدف حصد آلاف المشاركات من خلال تناول الحياة الشخصية للمواطنين بشكل غير ملائم أو الترويج لبعض الأخبار الكاذبة أو الشائعات الهدامة دون أدنى شعور بالمسئولية تجاه بلادهم.

إن كل هذه الأنواع الجديدة من الجرائم تضر بطريقة مباشرة بالاقتصاد المصري مما يتأثر معه أيضا الشأن السياسي، وتثير القلاقل اجتماعيا.

إن مثل هذا السلوك المنحرف يمكن أن نقوّمه بنشر الوعى بالاستخدام الآمن بالإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وبذل مزيد من الجهد فى مجالات الشفافية وحرية تداول المعلومات والرد على الشائعات والمعلومات المشوهة بالمعلومات الصحيحة والحقائق، والتوعية بأهمية مراجعة المصادر التى يحصل منها الغالبية العظمى من مستخدمي الانترنت على معلوماتهم. 

إن قانون مكافحة الجريمة الالكترونية يحمى رواد الانترنت أنفسهم، حساباتهم الشخصية، وبياناتهم، يحميهم من السرقة، والتحرش والسب والقذف، وفبركة الصور والقصص التى يمكن أن تؤثر سلبيا على مسارات حياتهم.

كما أنه من ناحية أخرى يساهم بشكل مهم فى حصار خطاب الكراهية التى دأبت الجماعة الإرهابية على نشره، وتأجيج النيران به فى المجتمع، ويحمي شبابنا من التضليل.

في اعتقادي لا يمكننا أن نسمي الحرية المطلقة دون ضوابط أو حدود، حرية، فهى فوضى تهدم وتشوه وقد تكون سببا للكراهية والدمار بما تساهم به من خلال تصدير صورة مخيفة عن المجتمع المصرى، وتتسبب فى القلق لكل المتعاملين مع أى خدمة إلكترونية، سواء كانو أفرادا أو شركات، فما هو الضامن الذى يحمى هذه التعاملات، وكيف يمكن الاعتماد على نظام الكترونى دون مرجع وتعريفات واضحة وإطار قانوني منظم يمكن اللجوء له.

يواجه القانون تحديات كثيرة ليس أكبرها الاستقبال المجتمعى السلبى الذى ساهم نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي فى نشره، ومن ثم فإنه من الضروري التوضيح المتكامل من خلال المتخصصين لأهمية القانون وأسباب طرحه والخبرات الدولية في هذا الشأن حتى يمكن للمواطن العادي تفهم الصورة بأكملها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط