وجه باحثون مصريون في الخارج، انتقادات لاذعة للداعية الإسلامي عمرو خالد بسبب أخطاء وصفوها بـ "الكارثية" في تناول نظريات فيزيائية معقدة في إحدى حلقاته من سلسلة يقدمها على الإنترنت عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم.
وقال الباحثون في حديث مفصل لـ"صدى البلد" إن الدكتور عمرو خالد يزيف حقائق علمية ثابتة ويلوي عنق الآيات القرآنية بالقوة للتناسب مع ما يريد توصيله لمتابعيه.
وقال باحث الدكتوراه بجامعة شيكاجو "محمد رجب"، الحاصل على ماجستير الفيزياء النظرية من جامعة كامبريدج بإنجلترا، إن حلقة للداعية عمرو خالد بعنوان "القرآن يتحدى الإلحاد عن طريق النظرية النسبية لأينشتاين" أثارت فضوله، لأن موضوع النسبية من صميم تخصصه ودراسته ويعد من أكثر المواضيع التى اشتغل بها وتعلمها على مدى سنوات حتى أصبح يدرسها للطلاب، وهو ما دفعه لمشاهدة الحلقة باهتمام.
وفسر "رجب" لـ"صدى البلد" الأخطاء الواردة على لسان الداعية عمرو خالد قائلا: "مبدئيا حاول الدكتور عمرو خالد شرح معنى النسبية حتى يستخدمها فى الوصول إلى فكرة أراد أن يوضحها ويثبتها، ولكن فى طريقه لذلك وقع فى عدة أخطاء تدل على عدم فهمه التام للنظرية وعلى أنه لا يوجد متخصص يراجع له المادة العلمية التي يقدمها".
وأضاف أن أسوأ الأخطاء التى وقع فيها الدكتور عمرو خالد كانت عندما شرح أن النسبية تقول إنه عندما يتحرك جسم بسرعة فإن طوله يقل، وهذه بداية سليمة وما يقوله هو ظاهرة فعلا معروفه باسم "length contraction"، ولكن الخطأ هنا أن يجود عليه وكما يقولون "يحط التاتش بتاعه".
ويقول عمرو خالد عن هذه الظاهرة وفقا للحلقة المذاعة: "نراها فى حياتنا اليومية باستمرار، وعلى سبيل المثال أنه عندما ترتفع الطائرة فى السماء فإن حجمها يقل ويقل تدريجيا، وهذا من تأثير النسبية".
ويعلق "رجب" على ما ذكره الداعية: "مجرد هذه الإضافة جريمة فى ألف باء نسبية لأن هذه الظواهر لا يمكن أن ترى فى حياتنا وتعاملاتنا اليومية ولكن تظهر آثارها على الأجسام التي تتحرك بسرعة قريبة من سرعة الضوء، وبالطبع ليس هناك أجسام فى حياتنا اليومية تتحرك بسرعة تقارب واحد على عشرة آلاف من سرعة الضوء".
ويضيف: "كما أننا نرى حجم الطائرة أصغر من حجمها الحقيقي لأنها بعيدة مثل القمر والشمس وهذا ليس له أدنى علاقة بسرعة هذه الأجسام ولا بالـlength contraction ولا بنظرية النسبية، لكن بعلم البصريات الذى يوضح لنا أن الأجسام القريبة تأخذ زاوية رؤية كبيرة من البصر والأجسام البعيدة تأخذ زاوية رؤية أقل فنراها أصغر، وهكذا حتى ولو كانت هذه الأجسام ساكنة ولا تتحرك، بمعنى أنه حتى ولو كانت الطائرة فى السماء واقفة وساكنة سوف نراها صغيرة لأنها بعيدة فقط وليس لأنها تتحرك فلا مجال لإقحام النسبية فى هذا المثال على الإطلاق".
ويواصل الباحث في الفيزياء بجامعة شيكاجو الرد على الادعاء الرئيسي في الحلقة قائلا: "ادعى الدكتور عمرو خالد أن العلم توصل إلى اكتشاف جديد حدث فى عام 2015 ذكره العالم جيمس كولاتا فى كتاب "علم الكونيات المبدئي من كون أرسطو إلى الانفجار الأعظم"، وهذا الاكتشاف أن العالم أجرى تجربة يثبت فيها النسبية بأن أحضر مسطرة فى غرفة يدخلها النور فقط من الأعلى ومن الجانب، ما صنع ظلا للمسطرة على الأرض وعلى الحائط المقابل للنور، وظل العالم يحرك المسطرة بسرعة بين الأفقي والرأسي - ووفقا لكلام خالد - اكتشف العالم من هذه التجربة تباطؤ الزمن وأن هذه التجربة تثبت النسبية ومن أفضل الطرق لشرحها، وبناءً على ما سلف فسر الدكتور عمرو خالد الآية الكريمة "أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا" وكأن الآية تشرح التجربة، وهذا هو تحدى الإلحاد الذى يراهن عليه الدكتور عمرو خالد".
ويعلق الباحث محمد رجب قائلا: "هذه التجربة لم تلق أي قبول أو معنى علمي فى نفسي، إلا إذا حرك العالم المسطرة بسرعة قريبة من سرعة الضوء وهذا أمر صعب التحقيق، بالإضافة إلى أني لم أفهم علاقة ظل المسطرة بأى شيء فى التجربة أو النسبية، فذهبت أبحث عن الكتاب الذى ذكره حتى وجدته وأطلعت عليه ووجدت الآتي:
أولا: العالم لم يجر فعليا أي تجربة ولا حتى أثبتها رياضيا، ولكنه أشار إلى أنها تجربة تخيلية أو فكرية "thought experiment"، تجربة لإثارة التفكير ومحاولة استنباط ما سينتج عنها، ولكن ليس هناك أى تجربة حدثت على أرض الواقع فهي مجرد فكرة.
ثانيا: الفكرة التي كان يطرحها العالم ليس بها أى شيء مما ادعاه دكتور عمرو خالد، فالعالم لم يذكر أي تحرك للمسطرة بسرعة ولا أي تباطؤ للزمن ناتج عنها، وليس هناك أي حركة للمسطرة مذكورة فى الكتاب.
ثالثا: كل ما أراد أن يقوله العالم فى كتابه إن المسطرة لها ظلان مختلفان وهذا مفهوم معروف ومن بديهيات علم الهندسة وحساب المثلثات، أى أنك تستطيع تحليل طول أي متجه "vector" إلى عدة متجهات مختلفة في الأبعاد الثلاثة المعروفة x ،y ،z، والمسطرة فى هذا المثال لها مركبان "two components"، أحدهما أفقي والآخر رأسي (ناتجان من جا sin وجتا cos لزاوية ميل المسطرة) وهذا المفهوم من ألف باء الرياضيات وليس به أى جديد، بمعنى أبسط، أنه حتى تصل إلى رأس المسطرة أو أى نقطة في هذا العالم، تحتاج أن تتحرك مسافة معينة على المحور الأفقي "x" ثم مسافة معينة على المحور الرأسي" y" ثم مسافة عمودية ثالثة على المحور" z"، تمثل المسافات الثلاث المذكورة ظل أو إسقاط المسطرة على الحائط والأرض والحائط العمودي.
رابعا وأخيرا: يوضح الكتاب من هذه التجربة الفكرية، أنه كما أن للمتجه ظلا أو إسقاطا على الأفقي والرأسي يعتمد على زاوية الميل، فإن النسبية تقول إن الزمن بُعد جديد مثله كمثل الأبعاد x ،y ،z، وإن المتجه "vector" (طول المسطرة) يجب تحليله فى اتجاه الزمن أيضا.
وأضاف "رجب"، أن هذا الكلام لا يعتبر اكتشافًا جديدا ولا تجربة من الأساس وليس له علاقة بنظرية النسبية، ومثال الظل هنا لا يوضح أكثر من فكرة الزمن كبُعد رابع من خلال حساب المثلثات، وهناك الكثير من الإثباتات والشروح وتفسيرات للنسبية ليس لها أى علاقة بالظل، كما أنه ليس هناك ظل يتحرك بسرعة رهيبة استخدم فى إثبات النسبية من قبل، وهكذا تحدى الدكتور عمرو خالد الإلحاد، بأن أخذ يلوى عنق الآية الكريمة بالقوة حتى تدل على ما أراد هو أن يصل إليه من فهمه العلمي الخاطئ المبني على جهل.
ويقول الباحثون في ردهم على ادعاءات عمرو خالد، إن القرآن الكريم معجزة لا تحتاج إلى شروح أو دلائل، كما أن القرآن زاخر بالإعجاز العلمي والمعلومات التي سبقت معرفتنا وقدراتنا كبشر يهوى التطلع والاكتشاف، والقرآن أعلى وأعظم من أن يتم استخدامه كأداة لتمرير فكرة ما بمعلومات خاطئة، ما يعد إهانة في حق كلام الله المنزل من السماء.
وطالب باحثون مصريون في جامعات الولايات المتحدة وإنجلترا وألمانيا، بالتدخل لوقف "المهزلة" التي يسوقها الدكتور عمرو خالد، أو مراجعة معلوماته مع مختصين قبل الحديث في نظريات علمية متخصصة.