الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حق البلطجة "الفيتو"


في مجتمع العار الدولي الذي نعيشه.. يفشل العالم كله في إصدار قرار يدين أمريكا بسبب مواقفها الداعمة للصهيونية الإسرائيلية، وقرار رئيسها غير العقلاني وغير المدروس بنقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة، ليكلل جهود الصهاينة الساعية لإطباق أيديهم على كامل المدينة المقدسة، وكل هذا لا لشيء سوى لأن تلك الدولة تمتلك حق البلطجة المدعو زورا بـ"حق النقض"، أو ما يطلقون عليه اسم "الفيتو".

ولم يرد لفظ "فيتو" في ميثاق الأمم المتحدة، بل ورد لفظ "حق الاعتراض" وهو في واقع الأمر "حق إجهاض" للقرار وليس مجرد اعتراض على القرار، إذ يكفي اعتراض أي من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن لرفض القرار ولا يمرر نهائيًا، حتى وإن كان مقبولًا للدول الأربعة عشر الأخرى، وهو ما يشبه إلى حد كبير ما يقوم به البلطجي الذي "يفرد عضلاته" أمام الأشخاص الأضعف منه لينفذ ما يريده في الوقت الذي يريده وبالطريقة التي يريدها.

وها هي أمريكا تستخدم حقها في البلطجة على شعوب العالم من خلال إجهاض التحرك المصري في مجلس الأمن، والذي سعت إليه القاهرة لانتزاع قرارا يدين ما فعلته واشنطن من اعترافها بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني، والذي لا نعترف كعرب بحقه في الوجود بيننا من الأساس، لكن واشنطن بما لديها من عضلات تستطيع مواجهة التفكك العربي الذي نمر به حاليا، بسبب المخططات الصهيونية التي مرت بها المنطقة العربية خلال السنوات السبع الماضية وتحديدا منذ بدء ضرب استقرار المنطقة بموجات الربيع العربي، والتي لم يجن منها العرب سوى المزيد من الفوضى والتفكك والضعف والانهيار الاقتصادي والضبابية المستقبلية.

واليوم استخدمت أمريكا حقها في البلطجة للمرة (80) منذ تأسيس الأمم المتحدة عام 1945، وكالعادة استخدمته لدعم الكيان الصهيوني المحتل، الذي تدعمه أمريكا بضغوط من اللوبي الصهيوني في أمريكا، والذي يمكنه تحريك الرئيس الأمريكي والكونجرس والحكومة الأمريكية كيفما يشاء، فلم يعد من المستغرب لدينا أن تسارع الولايات المتحدة بمد يدعها الآثمة لمساندة طفلها الذي يعيش كجرثومة بين العرب دون إرادتهم، ولا عجب أيضا في هذا فلم تعد لدينا نحن العرب إرادة لكي نتمكن من مواجهة ذلك الخطر أو حتى الاعتراض على وجوده بيننا.

ومنذ عام 2011 لم تستخدم أمريكا حق النقض حتى اليوم 18 ديسمبر 2017، والذي استخدمت فيه هذا الحق غير العادل بين شعوب الأرض، ولنفس السبب المتعلق بالقضية الفلسطينية، وهو تقريبا نفس السبب الذي استخدمت فيه أمريكا (الفيتو) في مجلس الأمن، ومنذ عام 1990 لم تستخدم واشنطن هذا الحق لسبب آخر سوى إفشال قرارات لإدانة إسرائيل أو للاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وإدانة الاحتلال سوى مرتين فقط من بين 16 مرة، وكانت هاتين المرتين لقرارات بشأن البوسنة والهرسك، فيما كان ما سواها جميعه يتعلق بالقضية الفلسطينية.

وتحاول بعض الدول إدخال تعديلات على نظام الأمم المتحدة من حيث توسيع مساحة الدول الأعضاء، حيث إن وجود 5 دول أعضاء دائمين فقط يرى البعض فيه ظلم شديد لباقي دول العالم، حيث طالب البعض بإدخال دول مثل ألمانيا واليابان والبرازيل، لكن هذه الجهود لم تتطرق لمحاولة تغيير نظام استخدام حق إجهاض القرارات الدولية (الفيتو)، وهو الذي تستخدمه أمريكا عادة لظلم الشعب الفلسطيني وإجهاض كل القرارات التي تحاول دعم القضية الفلسطينية.

وفي محاولة دبلوماسية لإجهاض قرار ترامب الظالم بنقل السفارة الأمريكية للقدس، سعت مصر جاهدة لإقناع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة باستصدار قرار يرفض التحرك الأمريكي الفردي تجاه القضية الفلسطينية التاريخية، إلا أن حق واشنطن في "البلطجة" على العالم أحبط الحراك المصري، ليبقى الوضع على ما تريده أمريكا وعلى العرب اللجوء إلى الدعاء.. أو الصمت والبكاء.. كما يفعل الشخص الضعيف في مواجهة "بلطجي الحتة".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط