تبنى معهد المخطوطات العربية التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) مؤخّرا مبادرة جديدة للنشر التراثي الإلكتروني تحت عنوان "تراثنا" بهدف ترشيد نشر النتاجات في ميدان التراث عن طريق إخضاعها للمراجعة ووضعها في شكل جمالي مناسب ولائق.
وهي مبادرة غرضها خدمة الشباب الجاد الذي يرغب في أن تتبنى عمله مؤسسة علمية تكون معضدة له، يطمئن من خلالها إلى أنه وجد شريكا له يثق به، في حمل أمانة المعرفة من جهة، وتحقيق تطلعاته من جهة أخرى.
وقال الدكتور فيصل الحفيان، مدير المعهد: "إن هذه المبادرة تنطلق من رؤية مُفادها أن أهم ملامح العصر الجديد الذي نعيشه تلك الطرق والوسائل والأدوات التي تنشر المعرفة وتذيعها، فقد أصبح الإنسان، مهما كان مستواه العلمي – مالكا لأشياء تقوم مقام دار النشر التقليدية، بل إنه أصبح صاحب إذاعة وقناة تليفزيونية يبث ما يريد وقتما يريد".
وأضاف "الحفيان": "إن الحياة العصرية نسخت أو كادت – مع شيء من المسامحة – الورق، وما عاد هو الحامل الوحيد الذي يحمل نتاج العقل البشري، وحل محله حامل جديد خطير هو "الإلكترون".
وأشار إلى أن فضيلة نشر المعرفة وانتشارها وسيطرة الفرد عليها لها مساوئ، فقد كثر الغُثاء وطمَّ، واهتز عرش الكتاب والبحث العلمي الرصين الذي كان يضمنه ذلك الحامل التاريخي (الورق) ويحيطه – غالبًا – بسياج حام، مفرداته هيبة المعرفة ذاتها، والمؤسسة (دار النشر) والنفقات، والمتلقون أنفسهم.
وأكد أن الطيب اختلط بالفاسد، والرصين بالرديء، وفقد الكثير مما ينشر بهاءه والثقة به، بعد أن تفلَّت من كل القيود والضوابط، وصار حِمًى مباحًا للكبير والصغير والعالم والجاهل والمثقف ونصف المثقف.
وقال إنه من أجل ذلك كانت مبادرة المعهد الجديدة لتستعيد المعرفة هيبتها وتسترجع الثقة بها، وذلك من خلال: ضبط عملية النشر وإخضاعها للشروط العلمية والمنهجية، ومنح المصداقية لما ينشر، وإكسابه الثقة اللازمة.
وأضاف: "المعهد لاحظ في الآونة الأخيرة انتشار العديد من الكتب والمقالات الإلكترونية في مواقع الشبكة العنكبوتية، ولفت انتباهنا إلى أن الشريحة التي أقبلت على هذا النشر كان جُلُّها من الشباب الذي لم يجد له مكانًا أو فرصة في النشر الورقي، وتعد هذه المبادرة فرصة للإشادة بدور الشباب في بناء الحضارات وصنع الإنجازات وتفعيل القرارات".