شاب لم يكمل العشرين من عمره، استطاع أن يسبح لمدة 7 ساعات في مياه تنخفض درجة حراراتها إلى أقل من 10 درجات مئوية، ورغم كونه مصاب بمرض "متلازمة داون" إلا أنه استجمع قوته وتركيزه وعبر سباحة أكثر من 16 كم في بحر المانش من إنجلترا إلى فرنسا، ليصبح أول سباح من ذوى الاحتياجات الخاصة يعبر أكثر من نصف المسافة في بحر المانش.

ُولد محمد الحسيني في ديسمبر 1999، ولاحظ والده عليه قلة التركيز في شهوره الأولى، وبعد إجراء الكشف والفحوصات اللازمة، اتضح أن محمد مصاب بمرض "متلازمة داون"، وكان لهذا الخبر وقع الصاعقة على أبيه دفعه للبكاء، ولكن لم يستسلم وحاول بشتى الطرق أن ينشئ محمد في بيئة طبيعية.

وقال المهندس الحسيني كريم والد محمد لـ"صدى البلد" :"محمد أول هدية ليا من ربنا.. أول ما عرفت كنت مصدوم بس كنت حريص أعامله زي باقي إخواته..ويتعاملوا معاه على إنه أخوهم الكبير في كل حاجة..والدعم النفسي كان مهم جدًا لحالته، وإنه ميحسش باختلاف بينه وبين أخوته في أي حاجة".

اتخذ والد محمد الإجراءات اللازمة منذ معرفته بحالة ابنه منذ اليوم الأول، فأحضر له في سنواته الأولى ألعاب تحتاج إلى تركيز، وحرص على حضوره جلسات العلاج الطبيعي والتخاطب بمعدل 3 جلسات في الأسبوع بالتناوب، مع شرب فنجاني قهوة سادة يوميًا، وبدأ ممارسة السباحة في عامه السادس كهواية فقط، إلا أن لاحظ المدرب موهبة محمد ورأي أنه بالتدريب سيتميز في السباحة.

أصر الأب على ممارسة محمد للسباحة مع مدرب أخيه وليس مدربًا لذوي الاحتياجات الخاصة، رغبة في أن يُعامل بشكل طبيعي، ورغم انشغال الأم مع محمد طوال الوقت مما تسبب في مضايقة إخوته، إلا أن تعامل الأب معهم بحكمة مضيفا "بقينا نقسم وقتنا أنا وزوجتي حد يبقى مع محمد والتاني مع إخواته وهما في الأول كانوا بيتضايقوا من كتر الاهتمام بيه.. بس لما كبروا وبدأوا يفهموا الوضع اتقلموا عليه"

شجعه والده للمشاركة في المسابقات المحلية وبعد فوزه فيها بمراكز أولى، شارك في بطولة على مستوى القاهرة ثم على مستوى الجمهورية إلى أن اقترح مدرب السباحة "خالد شلبي" مشاركة محمد لعبور بحر المانش في إنجلترا "قالي كده بعد ما أكد ليا إن مستوى محمد يسمح وإن ساعات التدريب كانت بتوصل لـ 10 ساعات في اليوم ووافقنا".

استمرت التدريبات لعدة أسابيع في معسكر بالغردقة، واضطرت الأم للتواجد بصورة دائمة مع محمد طيلة هذه المدة، ورافقته في سفره إلى إنجلترا.
ويوضح والد محمد أنه فخور جدًا بما قام به ابنه محمد "مش سهل إن حد يفضل 7 ساعات في المية منهم ساعة بيصارع موجة عشان يعديها وكان نفسي طبعًا إنه يرفع علم مصر في فرنسا بس صحة ابني عندي قبل أي حاجة وقرار حكيم من المدرب إنه وقف بعد ما عدى أكتر من نص المسافة لأنه طلع تعبان وجسمه كله متلج".

وأما عن المسابقات القادمة التي سيشارك فيه محمد، فأوضح والده أن السباح الناشئ بحاجة إلى إجازة طويلة خاصة بعد كل هذا الضغط والتوتر العصبي الذي تعرض له أثناء المسابقة، ويناشد الحسيني رئاسة الجمهورية تكريم السباح الصغير الذي ظل يقاوم مع 4 من نظرائه إلا أن الخوف عليه كان السبب في توقفه، ويتمنى لقاء محمد برئيس الجمهورية ليكن دعمًا وعونًا للنجاح في العام القادم ومن المقرر عودة السباح محمد الحسيني إلى مصر، اليوم، برفقة والدته في التاسعة مساءًا.