قالوا عنها إن السادات كتب نهايته بيده، ووصفوها بالزلزال المدمر، أما من وقع عليهم الحادث دونوه وكتبوا تفاصيله خلف قضبان الحديد، وعلي أسرّة الزنازين، إنها اعتقالات خريف الغضب، التي طالت 1536 شخصاً من رموز المعارضة والكتاب والصحفيين وكذلك قيادات جماعة الإخوان المسلمين.
حملة مجنونة قادها اللواء النبوي إسماعيل وزير الداخلية وقتها بتعليمات من رئيس الجمهورية أنور السادات، لكن تظل الأسباب الحقيقية ودوافع الرئيس للاعتقالات غير واضحة، فما أعلن وقتها علي لسان السادات نفسه حينما وقف أمام مجلس الشعب يلقي بياناً للشعب كانت الاتهامات بأن هناك فئة من الشعب تحاول إحداث الفتنة الطائفية، وأن الحكومة حاولت نصح تلك الفئة أكثر من مرة، وأن الآونة الأخيرة شهدت أحداثا هددت وحدة الوطن واستغلتها تلك الفئة وسلكت سبيل العنف وتهديد الآمنين وحاولت تصعيد الأحداث، الأمر الذي استلزم إعمال المادة 74 من الدستور المصري وقتها.
أما قبل الاعتقالات فتعالت أصوات القوي القومية واليسارية معارضة لاتفاقية السلام مع إسرائيل إلا أنه لم يكن هناك أي شئ يوضح أو يشير لطريقة تفكير السادات في تلك الفترة، محمد حسنين هيكل قال في كتابه "خريف الغضب" إن عملية الاعتقالات بدأت فجر يوم 3 سبتمبر عقب عودة السادات من واشنطن، وجرت حملة اعتقالات واسعة شملت 3 آلاف شخص، وكان بعضها بين صفوف الشباب من الطلبة وأعضاء الجماعات الدينية سهلة نسبياً، ولكن اعتقالات بعض الساسة والمثقفين وعدد من القيادات الدينية من المسلمين والمسيحيين، جري تخطيطها بعمليات شبه عسكرية، سواء في التوقيت أو في الإجراءات.
امتدت الاعتقالات إلى البابا شنودة، بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية، ففى يوم 3 سبتمبر تم اعتقال عدد من الأساقفة والرهبان وفي 5 سبتمبر تم تطويق الدير الذى كان يقيم فيه "البابا شنودة " من قبل قوات الأمن.
الصحف القومية وقتها تعاملت مع الحدث باعتباره حدث تاريخي يصحح مسار الأوضاع في مصر فكتبت الجمهورية "ثورة جديدة للسادات"، ووصفتها الأخبار بـ "قرارات ضرب الفتنة" فيما سمتها الأهرام "ثورة العمل الداخلي".
كان علي رأس المعتقلين عمر التلمساني ، البابا شنودة الثالث ، صافيناز كاظم ، فريدة النقاش ، أحمد فؤاد نجم ، عبد المنعم أبو الفتوح ، أبو العز الحريري ، محمد حبيب ، حافظ سلامة ، حمدين صباحي ، شاهندة مقلد ، أمينة رشيد، فؤاد سراج الدين ، محمد حسنين هيكل ، أحمد المحلاوي ، مصطفى بكري ، نوال السعداوي ، عواطف عبد الرحمن ، لطيفة الزيات ، جابر عصفور ، محمد عبد القدوس ، عبد الحميد كشك ، ميلاد حنا ، صلاح عيسي.
وكانت قرارات السادات والتي أعلنها أمام مجلس الشعب:
أولاً: حظر استغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية، وحظر استغلال دور العبادة لهذا الغرض أو في المساس بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي، أو سلامة الوطن، فلا سياسة في الدين ولا دين في السياسة.
ثانياً: التحفظ علي بعض الأشخاص الذين توافرت قبلهم دلائل جدية علي أنهم قد ارتكبوا أو شاركوا أو جندوا أو استغلوا علي أية صورة كانت الأحداث التي هددت الوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو سلامة الوطن.. أسماء هؤلاء.. ده القرار الثاني.. أسماء هؤلاء الأشخاص مطبوعة في القرار والقرار جاهز في الصحف الآن وسيوزع عليهم.
ثالثاً: التحفظ علي أموال بعض الهيئات والمنظمات والجماعات والجمعيات التي مارست نشاطاً أو أعمالاً هددت الوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو سلامة الوطن.. ووقعت قرار رئيس الجمهورية رقم ٤٧١٥ لسنة ٨١ في شأنها، وهي أيضاً جاهزة ستوزع عليكم وعلي الصحف.
رابعاً: حل بعض الجمعيات المشهرة، وفقاً لأحكام القانون رقم ٢٢ لسنة ١٤ في شأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة والتي مارست نشاطاً هدد الوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو سلامة الوطن، وصدر قرار رقم ٤٩٢ لسنة ٨١.
خامساً: إلغاء التراخيص الممنوحة بإصدار بعض الصحف والمطبوعات مع التحفظ علي أموالها ومقارها.
سادساً: نقل بعض أعضاء هيئة التدريس والجامعات والمعاهد العليا الذين قامت دلائل جدية علي أنهم مارسوا نشاطاً له تأثير ضار في تكوين الرأي العام، أو تربية الشباب أو هدد الوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو سلامة الوطن، نقلهم إلي الوظائف التي يحددها وزير الدولة للتعليم والبحث العلمي بالاتفاق مع الوزراء المختصين.
سابعاً: نقل بعض الصحفيين وغيرهم من العاملين في المؤسسات الصحفية القومية وبعض العاملين في اتحاد الإذاعة والتليفزيون والمجلس الأعلي للثقافة الذين قامت دلائل جدية علي أنهم مارسوا نشاطاً له تأثير ضار في تكوين الرأي العام أو هدد الوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو سلامة الوطن، نقلهم إلي هيئة الاستعلامات أو غيرها من الجهات الحكومية التي يحددها رئيس مجلس الوزراء.
ثامناً: إلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم ٢٧٨٢ لسنة ٧١ بتعيين الأنبا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وتشكيل لجنة للقيام بالمهام الباباوية من خمسة من الأساقفة وهم:
١- الأنبا مكسيموس أسقف القليوبية، وهو عالم قبطي سبق أن ترشح للكرسي البابوي.
٢- الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة وكنائس المهجر، وكان مرشحاً سابقاً للبطريركية.
٣- الأنبا غرغريوس أسقف البحث العلمي والدراسات القبطية العليا ومدير المعهد العالي للدراسات القبطية.
٤- الأنبا اثناسيوس أسقف بني سويف والبهنسة وهو يشغل حالياً منصب وكيل الهيئة العليا للأوقاف القبطية وسكرتير سابق للمجمع المقدس.
٥- الأنبا يوأنس أسقف الغربية وسكرتير حالي للمجمع المقدس.